Translate

الخميس، 9 مايو 2013

النعي

تعريف النعي

النعي يطلق على الإخبار بموت الميت وإذاعة ذلك ، ويطلق أيضاً على ما قد يصاحب ذلك من تعداد مناقب الميت .

قال الترمذي في جامعه ص(239) : " والنعي عندهم أن ينادى في الناس أن فلاناً مات ليشهدوا جنازته " .

وقال ابن الأثير في النهاية (5/85) : " نعى الميت إذا أذاع موته ، وأخبر به ، وإذا ندبه " .

وقال القليوبي في حاشيته (1/345) : " وهو النداء بموت الشخص ، وذكر مآثره ومفاخره " .

ثانياً : أقسام النعي

النعي وهو الإخبار بموت الميت إما أن يكون إعلاماً مجرداً ، وإما أن يكون إعلاماً بنداء ورفع صوت وذكر لمآثر الميت ونحو ذلك ، ولكل منهما حكم .

أما الإعلام بالموت مجرداً فقد ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، وغيرهم إلى جواز الإعلام بالموت من غير نداء ؛ لأجل الصلاة على الميت .

انظر : فتح القدير (2/127) ، حاشية الدسوقي (1/24) ، نهاية المحتاج (3/20) ، الإقناع (1/331) ، تحفة الأحوذي (4/61) ، السيل الجرار (1/339) .

بل ذهب جماعة من العلماء إلى استحباب ذلك .

انظر : البناية شرح الهداية (3/267) ، الخرشي على مختصر خليل (2/139) ، الأذكار للنووي ص (226) .

واستدلوا بما رواه البخاري (1333) ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ . وفي رواية للبخاري (1328) ( نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ يَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَقَالَ : اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ ) .

قال النووي في "شرح مسلم" :

" فِيهِ : اِسْتِحْبَاب الإِعْلام بِالْمَيِّتِ لا عَلَى صُورَة نَعْي الْجَاهِلِيَّة , بَلْ مُجَرَّد إِعْلَام للصَّلَاة عَلَيْهِ وَتَشْيِيعه وَقَضَاء حَقّه فِي ذَلِكَ , وَاَلَّذِي جَاءَ مِنْ النَّهْي عَنْ النَّعْي لَيْسَ الْمُرَاد بِهِ هَذَا , وَإِنَّمَا الْمُرَاد نَعْي الْجَاهِلِيَّة الْمُشْتَمِل عَلَى ذِكْر الْمَفَاخِر وَغَيْرهَا " انتهى .

واستدلوا أيضاً بما رواه البخاري (458) ومسلم (956) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ ، فَمَاتَ ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ، فَقَالُوا : مَاتَ . قَالَ : أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ ؟! دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أَوْ قَالَ قَبْرِهَا ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا .

وهذان الحديثان ظاهران في إباحة الإعلام بالموت لأجل الصلاة ، والدعاء له ، بل هما دالان على الاستحباب ، ولأن ذلك وسيلة لأداء حقه من الصلاة عليه واتباع جنازته .

ومما يدل على جواز الإعلام بموت الميت لمصلحة غير الصلاة عليه : ما في صحيح البخاري (4262) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ ، فَقَالَ : ( أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ ، حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) .

ففي هذا الحديث : نعى النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم ، ولم يكن ذلك النعي لأجل الصلاة عليهم ، إنما لأجل إخبار المسلمين بخبر إخوانهم ، وما جرى لهم في تلك الوقعة .

وعليه ؛ فيجوز الإعلام بالموت لكل غرض صحيح كالدعاء له ، وتحليله وما أشبه ذلك .

انظر : "نهاية المحتاج" (3/20) .

وقال ابن عبد البر الاستذكار(3/26) : " وكان أبو هريرة رضي الله عنه يمر بالمجالس ، فيقول : إن أخاكم قد مات فاشهدوا جنازته " .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/402) :

" يجوز دعاء أقارب الميت وأصحابه وجيرانه إذا توفي من أجل أن يصلوا عليه ، ويدعوا له ويتبعوا جنازته ، ويساعدوا على دفنه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه لما توفي النجاشي رحمه الله بموته ليصلوا عليه " انتهى .

وأما الإعلام بالموت بنداء ورفع صوت وذكر مآثر الميت فهذا النعي قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم .

روى الترمذي (986) عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ : إِذَا مِتُّ فَلا تُؤْذِنُوا بِي ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ نَعْيًا ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ النَّعْيِ . حسنه الحافظ ابن حجر ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .

قال السندي في "حاشية ابن ماجه" :

" َكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُشْهِرُونَ الْمَوْت بِهَيْئَةِ كَرِيهَة ، فَالنَّهْي مَحْمُول عَلَيْهِ ، وَخَافَ حُذَيْفَة أَنْ يَكُون الْمُرَاد إِطْلاق النَّهْي ، فَمَا سمِحَ بِهِ ، فَهُوَ مِنْ بَاب الْوَرَع ، وَإِلا فَخَبَر الْمَوْت سِيَّمَا إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ كَتَكْثِيرِ الْجَمَاعَة جَائِز " انتهى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق