Translate

الخميس، 21 سبتمبر 2023

نشأة ظاهرة العلاج بالإيحاء والرقية:


إن فهم العلاقات المتبادلة والراسخة بين الجسم والنفس يجعلنا ندرك أهمية العلاج النفسي أو ما يسمى بالطب الروحاني. والطب النفسي البدني هو الذي يبحث في العلاقات المتبادلة بين الجسم والنفس وفي تطبيق (الانفعالات) وغيرها من العومل النفسية على مشاكل المرضى. وإن الدوافع الابتدائية يمكن أن تتظاهر بالتساوي في العقل وفي الأعضاء ، كما يمكن للقلق أن يصيب الأعضاء بآليات مختلفة.... وهكذا فان التأثرات بين العضوية والنفس من الأمور البديهية.
فالانفعال والنشاط الروحي وحتى درجة الذكاء يمكن أن تتبدل في سياق الأمراض العضوية المختلفة، يدل على ذلك ما نشاهده من همود وكآبة عند المصابين بعلل معدية ـ معوية أو تناسلية ـ بولية، وكذا الهذيان عند المصابين بالحمى الشديدة .
وعلى العكس فالحالة النفسية تؤثر في العضوية من غير شك، فالانفعال قد يؤدي إلى البوالة أو الإسهال أو توقف الهضم، وحتى أنه يطفيء عند بعض الناس إمعان الفكر في بعض الأمور حتى تحدث عندهم حركات تدل على مجرى الحركة النفسية عندهم.
وكثيراً ما يتبدل المشهد بتأثير الانفعال النفسي ؛ومن هنا شاعت طريقة المعالجة النفسية على الإقناع لشفاء كثير من العلل الوظيفية والعصبية.
وقد تبين أن للعوامل النفسية أثر عظيم في إحداث العلل العصبية الوظيفية وفي الشفاء منها أيضاً، وفي طليعة هذه العوامل (الانفعال) وما يحدث من أثر سيء في سير الوظائف الفسيولوجية في أنحاء البدن كافة والذي يفضي أحياناً إلى اضطراب في أحد أجهزة البدن قد يستمر ويكون باعثاً حقيقياً لإحداث علة عضوية ثابتة (قرحة التوتر الشرياني).
فالقلق مثلاً قادر على الإخلال بالوظائف الفسيولوجية وعلى إحداث أعراض بدنية ـ نفسية، إذ يمكن للقلق الحاد أن ينبه مثلاُ الجملة العصبية الودية ( ( sympathic nervesمؤدياً إلى تشنج البواب أو الفؤاد أو المعي، كما يمكن أن يحدث زيادة في الحموضة المعدية أو إسهالاً أو إمساكاً أو خفقان في القلب أو خوارج انقباض أو ضيقاًُ تنفسياً أو تعرقاً في الوجه واليدين.
ويقصد بالمعالجة الروحية أو النفسانية طمأنة المريض ورفع معنوياته والإيحاء إليه بأن مرضه سيسير عاجلاً نحو الشفاء.
وقد أكد الدكتور عبد العزيز القوصي فى كتابه "أسس الصحة النفسية". (أن أثر الإيحاء في الحالات الجسمية أمر معلوم ، ففكرة الصحة أو المرض يمكن أن تؤدي إلى الصحة أو المرض. ويرجع قسط كبير من نجاح العلاج الدوائي إلى ما يصاحبه من إيحاء بالشفاء .وإذا توفر الاعتقاد ـ أمكن الوصول إلى الشفاء دون أخذ الدواء)
وقد أثبت الأطباء أن للإيحاء فوائد علاجية في كل من الأمراض العضوية والوظيفية والنفسية.
ففي الأمراض العضوية يفيد الإيحاء في عزل العنصر النفسي الذي يزيد في المظاهر المرضية ويشوش على الطبيب الصفحة السريرية ما قد يضلله في التشخيص.
كما ثبت أن الإيحاء قد يشفي أمراضاً عضوية بحتة كما هو معروف عند أطباء الجلد من شفاء الثآليل بالإيحاء.
أما في الاضطرابات الوظيفية فإن فائدة الإيحاء تكون أقوى، ومن أمثلتها معالجة بعض أنواع الخفقان والصداع وسوء الهضم والإمساك وفي معالجة أقياء الحمل المعندة (كما هو ثابت عند الأطباء المولدين).
يقول الدكتور شوكت القنواتي: (ومما تجدر الإشارة إليه العلاقة الوثيقة بين الجهازين الودي والعصبي الدماغي مما يعلل دور الإيحاء في شفاء أقياء الحمل المعندة والخطرة . وتقوم المعالجة النفسية بالإيحاء على عزل المريضة تماماً ثم بالتظاهر مثلاًُ بوجود انحراف في الرحم سيعمد المولد إلى رده أو اقناعها بأن لدى المولد طريقة لا تخيب سيطبقها لها، وكثيراً ما تكفي المعالجة النفسية هذه في شفاء تلك الأقياء).
أما فائدة الإيحاء في الأمراض النفسية فهي أعظم وأجل، إذ يعتبر في عداد أدويتها القيمة والناجعة وخاصة تلك الحالات الناجمة عن القلق. وحديثا يعتبر التحليل النفسي من العلاجات المهمة للآفات النفسية.
وفي هذا المجال يقول الدكتور النسيمي: (وإن المعالجة الروحية في الطب الإسلامي إنما تعتمد على القرآن والأدعية المأثورة. وتشترك الرقى مع الإيحاء ببعض الشروط والظروف، ويعتبرها المسلمون استغاثة بالله تبارك وتعالى واستمدادا للعون منه).
إن فعل الرقى كعلاج يختلف بحسب درجات الإيمان واليقين وصفاء النفس وخاصة عند الراقي، وحسب درجة الالتجاء والتذلل والرجاء من الله تعالى حين الرقية، وعلى حسب اعتقاد المرقي بالرقية وثقته بأهلية الراقي وإخلاصه هذا.
ويعلل الدكتور النسيمي النتائج الحسنة للرقى الإسلامية بأحد أمرين: الإيحاء والمعونة الإلهية، أو بكلا الأمرين معاً.
1ـ الإيحاء:
وبه ترتفع معنويات المريض وتخف الأعراض ويشعر بالتحسن أو يشفى، و يقر الطب الحديث أثر الإيحاء في الشفاء بدون شك.
يقول ابن القيم: (وقد جعل الله سبحانه لكل داء دواء ولكل شيء ضداً، ونفس الراقي تفعل في نفس المرقي فيقع بين نفسيهما فعل وانفعال، كما يقع بين الداء والدواء فتقوى نفس المرقي وقوته بالرقية على ذلك الداء فيدفعه بإذن الله ... وكلما كانت كيفية نفس الراقي أقوى كانت الرقية أتم)
2ـ المعونة الإلهية:
يعتقد المسلمون بمعونة الله القادر على كل شيء والتي يقدمها سبحانه استجابة لدعوة المضطر، الصادرة من أعماق نفسه، أو معونة لعبده الصالح الذي رجاه، يقول تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء).
وبقدر ما يكون الراقي كامل الإيمان، قوي العزيمة، صادق اللجوء إلى الله، بقدر ما تكون رقيته ناجعة بإذن الله. ولقد نقل ابن حجر عن الإمام ابن القيم قوله: (الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هى الطب الروحاني، إذا كانت على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى).
ويعتقد المسلمون أن الرقية قد تنفع وحدها بدون دواء مادي، وذلك لعدم تيسر الدواء المادي أو فقدانه أو فشله. وإن يقين الراقي بالله تعالى وصدق رجائه منه حين الرقية، وثقة المرقي بالله ثم بالراقي يزيد من إمكانية الشفاء. ويستحسن تكرار الرقية لعدة أيام.
هذا وإن شفاء اللدغ بالرقية لأكبر دليل على وجود أمر زائد عن الإيحاء وحده، لأن الإيحاء لا يكفي في شفائها فهو يزيل المخاوف والقلق حول نتائج اللدغة.
ويرى د.النسيمي أن من أسباب فشل المعالجة بالرقى، حين فشلها، أن يقصد المريض إهمال الدواء المادي، المتيسر له، والمعروف فائدته لمرضه. ففي ذلك الفشل تأديب من الله تعالى للمهمل. ولأنه في إهماله هذا ترك للأخذ بالأسباب، وكأنه بذلك يعترض على الحكمة الإلهية في خلق الأدوية المادية التي هي سبب الشفاء، فتودى به القدرة الإلهية الى خيبة رقيته. وما أجاز الإسلام الرقي، بحال من الأحوال، لتحل محل الدواء المادي كما ثبت من فعل رسول الله e وسلوكه في صحته ومرضه، ولكن لتكون تذكيراً بالله ودعماً نفسياً لروحه لبلوغ أفضل النتائج العلاجية.
ولقد تكلم علماء المسلمين منذ القديم على أهمية الأدوية الروحية الداعمة للأدوية المادية فقال ابن القيم: (نبه الإسلام المريض على أدوية روحانية يضمها إلى الأدوية المادية المتوفرة، وتشمل اعتماد القلب على الله والتوكل عليه والالتجاء إليه والتذلل والصدقة والدعاء والاستغفار والإحسان إلى الخلق وإغاثة الملهوف. وهذا جاء على قانون الحكمة الألهية وليس خارجاً عنها ولكن الأسباب متنوعة فإن القلب متى اتصل برب العالمين، وخالق الداء والدواء ومدير الطبيعة ومصرفها على ما يشاء، كانت له أدوية أخرىغير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه، غير المرضي عنه، وقد علم أن الأرواح متى قويت، وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره.
وهذا الذي تكلم عنه ابن القيم، تحدث عنه الدكتور بول آرنست آدولف في كتاب (الله يتجلى فى عصر العلم) حيث يقول": (د لت الإحصائيات أن 80% من المرضى في جميع المدن الأمريكية، ترجع أمراضهم إلى حد كبير على مسببات نفسية وعصبية. ومما يؤسف له أن كثيراً ممن يشتغلون بالعلاج النفسي يفشلون لأنهم لايلجأون إلى بث الإيمان بالله في نفوس المرضى مع أن الأديان جاءت لتحريرنا من هذه الاضطرابات وإن تسليمي بالنواحي الروحية إلى جانب إلمامي بالمادة العلمية يمكنني من علاج الأمراض علاجاً يتسم بالبركة الحقيقية).
وختاماً نقول أن الإسلام كما أمر بالتداوي بالأدوية الحسية المادية والأخذ بالأسباب العلمية فإنه رغب بمشاركتها بالأدوية الروحانية من رقى بكلام الله العزيز وأدعية مأثورة بل وجعل نبي الله الدعاء ضرب من العبادة فقال: (الدعاء مخ العبادة) حتى يتذكر المريض خالق الداء والدواء، وتبقى عقيدة التوحيد خالصة له سبحانه وتعالى في الصحة والمرض، مما يجعل روح المريض هادئة متفائلة بالتجائه إلى رب الأرباب، فيقوى صبره، وتغيب الوساوس والمخاوف والأوهام وترتفع معنوياته وينمو أمله بالشفاء. مما يؤدي إلى ازدياد مقاومته فعلاً وتختفي أعراض الاضطراب النفسي ويبدو التحسن بالطبع حتى في أعراض مرضه العضوي أو الوظيفي ويتم الشفاء أحياناً فيهما معونة من الله وفضلاً ... (5)
كلمة أخيرة
يقول الدكتورعبد الله بن محمد السدحان فى مقدمة كتابه (قواعد الرقية الشرعية): لم يكن المجتمع الإسلامي الأول في حاجة إلى علم الرقية الشرعية لأنهم كانوا يمارسون الأذكار جل وقتهم حتى أن بيوتهم لأشبه بدوي النحل ، أما في وقتنا الحاضر فقد كثرت مغريات الحياة وصارت هي شغل الناس الشاغل ، ونقضت كثيرٌ من عرى الإيمان ، وقلت الأذكار، وحينئذ وجد الشيطان فرصته السانحة للانقضاض على القلوب الفارغة من ذكر الله ، فكثر المس الشيطاني وعجز الطب عن العلاج ، وانتشرت المصحات النفسية ، فطرق كثير منهم أبواب السحرة والمشعوذين ولكن دون جدوى ، فقام بعض الرقاة بفتح أبوابهم للرقية الشرعية وانفتح لهم باب أمل بعد يأس أ.هـ.(6)
يقال أن كليم الله موسى عليه السلام سأل ربه قائلا: " يارب أليس الشفاء من عندك ؟" قال : "بلى" قال :"فماذا يصنع الأطباء؟" فقال الله سبحانه وتعالى :"يأكلون أرزاقهم ويطيبون نفوس عبادى حتى يأتى شفائى أو قضائى".

مقتطف من "الرقية الشرعية معالجات نفسية يقرها الطب الحديث"
إعــداد
دكتور محمد محمد السقا عيد


السبت، 13 يوليو 2019

الدولة المدنية؟

 المعرفة مقالات الدولة المدنية.. هل تشكل نقيضا للدولة الإسلامية؟ 5/10/2016  مصطلح الدولة المدنية اكتسب أهمية إضافية في الاشتباك الحواري بعد الربيع العربي، وبعد وصول بعض الحركات الإسلامية إلى الحكم ولو بصورة شكلية كما حصل في مصر قبل أن يطيح الانقلاب العسكري بتلك التجربة في مهدها. ومع استمرار الحركات الإسلامية بالحضور السياسي والاجتماعي والمشاركة في الحكم، استطال الجدل بين التيارات العلمانية وبعض الحركات الإسلامية حول مفهوم الدولة وهويتها، وامتد الجدل حول نفس الموضوع ليشمل المدارس والمذاهب والاجتهادات الإسلامية أيضا، وعلى الرغم من مساهمة الاجتهاد المعاصر في إيجاد فهم مشترك لفك التناقض وتوحيد الموقف، فإن الاختلاف ما زال قائما حيث أسهمت مؤثرات عديدة في غموض النظرة وتشويش الرؤية وبروز التناقضات في الفكر السياسي عند بعض المسلمين. المصطلح يرفضه بعض الإسلاميين، ويعتبره آخرون الصيغة المعبرة عن التقاء الأهداف المقاصدية للشريعة الإسلامية مع خلاصة ما توصل له الإبداع الإنساني في منظومة القواعد القانونية الضرورية لضبط العلاقة بين الحكام والمحكومين وإحداث التوازن بين السلطات. " المعايير التي تجعل الدولة مدنية خمسة هي تمثيلها إرادة المجتمع، وكونها دولة قانون، وانطلاقها من نظام مدنى يضمن الحريات ويقبل التعددية وقبول الآخر، وقيامها على اعتبار المواطنة أساسا في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين فيها، ولتزامها بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة " لذلك فإن استحقاق النصاب الزماني والتحدي الذي يواجه الإسلاميين في قدرتهم على إدارة حوار علمي منضبط بمنهج تخصصي نحو فهم مشترك لمفهوم الدولة المدنية وموقعها في الفكر السياسي المعتمد من الحركات الإسلامية. فما المقصود بالدولة المدنية؟ وبماذا تختلف عن مفهوم الدولة الإسلامية؟ وهل الدولة الإسلامية هي دولة دينية؟ وهل تمثل الدولة المدنية نقيضا أو بديلا لمفهوم الدولة الإسلامية؟ وكيف تنظر الحركات الإسلامية إلى معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان؟. بعض الإسلاميين يرفض القبول بالدولة المدنية لأنها تستند إلى الأساس الفلسفي التشريعي الذي يعتبر قرار الأغلبية وآراء الناس مرجعية في إصدار التشريعات واختيار الحاكم. واستنادا لهذا الحق المطلق يمكن أن يكون الشذوذ حقا مقننا والنظام الاقتصادي القائم على الربا والاحتكار والخمر والقمار مشروعا، ويستند رفض هؤلاء أيضا لاعتبار أن الدولة هي مجمل المراكز القانونية، وتختلف هذه المراكز حسب مصدر الحق، هل هو مصدر إلهي أم بشري؟ وباعتبار أن الفكر السياسي ونظرية العقد الاجتماعي التي انطلقت منها فكرة الدولة المدنية، تقوم على فكرة الحق الذي ينشأ مرتبطا بالتراب الوطني، حيث يكون المواطنون على هذا التراب متساوين فيما بينهم، وهم أصحاب الحق في التوافق على شكل الحق الذي تقوم عليه الدولة، وليس الحق الإلهي في الحكم والتشريع، لذلك فهم يرفضون القبول بالدولة المدنية باعتبارها نقيضا للدولة الإسلامية. لم ترد "الدولة" لا مصطلحا ولا مفهوما في القرآن الكريم، كما أن مفهوم الدولة بالمعنى الحديث غير موجود في التاريخ الإنساني قبل العصر الحديث. فهذا مستوى أول يطرح به الحديث عن "الدولة" مع مفهوم جديد غير مسبوق. فالدولة المدنية دولة يحكمها الدستور (العقد الاجتماعي) وتشكل منظومة التشريعات والقوانين مرجعية حاكمة لتنظيم التوازن والتلازم بين السلطات والصلاحيات وطريقة التداول على السلطة، وضمان حق المواطنين بممارسة حرية الرأي والتعبير والتنظيم، والأمة هي مصدر السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية أو التقنينية من خلال ممثليها، وهم أعضاء البرلمانات فيها، حيث يهيمن القانون على كل مكونات الدولة أفرادا وسلطات، وتُفوض السلطة الحاكمة بقيادة الدولة تفويضا مقيدا لا مطلقا نحو مصالح الوطن والمواطنين. والمعايير التي تجعل الدولة مدنية خمسة اعتبارات هي تمثيلها إرادة المجتمع، وكونها دولة قانون، وانطلاقها من نظام مدنى يضمن الحريات ويقبل التعددية وقبول الآخر، وقيامها على اعتبار المواطنة أساسا في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين فيها، وأخيرا التزامها بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة. وبالنظر للتوجهات العامة المبثوثة في القرآن والسنة وكتابات علماء الإسلام، فإن هذه المعايير متوفرة في نظرة الإسلام للدولة. " كون القوانين تستند إلى المرجعية الإسلامية، لا يمنع تحولها بفعل الآلية الديمقراطية إلى قوانين مدنية. ويفيد هذا الأساس النظري في التمييز بين الشريعة والقانون، على أساس أن الشريعة أحكام ملزمة دينيا للفرد المؤمن، بينما القانون وضع بشري ملزم دنيويا " وخلاصة القول الذي ذهب له المفكر الإسلامي د. محمد المختار الشنقيطي إن الذين يرفضون الديمقراطية إما أنهم لم يحيطوا بالديمقراطية أو أنهم غفلوا عن مقاصد الشريعة الإسلامية. ومصدر الأشكال يكمن باستخدام المصطلح، فأغلب الذين يستعملون عبارة "الدولة الإسلامية" يربطونها بجعل الشريعة مصدر القوانين، ولذلك يحصل الإشكال في التصور وإصدار الحكم، إذ أن بناء الدولة هو بناء سياسي، وليس مرتبطا بالضرورة بطبيعة النظام القانوني أو مرجعيته التي ليست في الحقيقة قضايا سياسية، بل هي نتيجة لممارسة مقتضيات بناء الدولة ومؤسساتها في أمة من الأمم، وإذا انطلقنا من طبيعة الأنظمة السياسية الحديثة التي تضم مواطنين من ديانات مختلفة، فإن النظام القانوني قد يقترب أو يبتعد عن مقتضيات "الشريعة" في بعض أحكامها التفصيلية حسب ازدياد أو نقصان تمثيلية المسلمين في الأجهزة التشريعية (البرلمانات). وقد يتطور تشريع القوانين في الدولة الواحدة حسب وزنهم السياسي، هذا من جهة أولى، ومن المفروض والطبيعي أن يعبر الممثلون عن نظام القيم في المجتمع وعن توجهات أغلبية أفراده الفكرية والسياسية تلقائيا. وانطلاقا من ذلك يمكن الحديث عن مسألة مرجعية القوانين في مجتمع مسلم، فممثلو الأمة هم ضمانة الالتزام بقيم الدين وثوابته. وكون القوانين تستند إلى المرجعية الإسلامية، لا يمنع من تحولها بفعل الآلية الديمقراطية إلى قوانين مدنية. ويفيد هذا الأساس النظري في التمييز بين الشريعة والقانون، على أساس أن الشريعة أحكام ملزمة دينيا للفرد المؤمن، بينما القانون وضع بشري ملزم دنيويا، بحكم طبيعة الدولة التي تمارس السلطة بتفويض من المجتمع. والمسلم يبذل جهده ليتحقق الانسجام بينهما، أو على الأقل لتفادي التعارض بينهما. ومعروف أن القانون كان دائما أحكاما دينية أو مبادئ أخلاقية أو أعرافا اجتماعية سائدة في المجتمع، تحولت مع مرور الزمن وتطور المجتمعات أو وعيها إلى قوانين حاكمة في المجتمع عبر الفعل السياسي، ولا يمنع هذا التدافع من قيام أحزاب سياسية بمرجعية دينية أو لأسباب دينية، بتحقيق المقصود بالمقاصد والأحكام الشرعية بالوسائل الديمقراطية. فالجمهوريون -مثلا- عندما يعارضون إباحة الإجهاض في أميركا، ويحاولون الإقناع بموقفهم، فهم يفعلون ذلك - أو كثير منهم على الأقل- بخلفية دينية. هل هذا المفهوم موضع اتفاق بين العلماء والفقهاء ورواد الفكر والحركات الإسلامية؟ وهل وردت في المراجع الشرعية نصوص صارمة وتفصيلية ودقيقة خاصة في نظام الحكم؟ وهل يتفق الإسلاميون على مفهوم واضح ومحدد لمصطلح الدولة الإسلامية؟ بعد استعراض النصوص المعبرة عن أفهام وأدبيات قيادات الحركات الإسلامية المعنيين بإقامة المشروع الإسلامي لا نجد خطابا واحدا في تعريف ماهية الدولة وتوصيفها، وإنما نجد خطابات متباينة ومختلفة، فالخطاب الإصلاحي تحدث عن الدولة المدنية والديمقراطية منطلقا من تطابق المصلحة والشريعة وحسب نصوص وافرة ومتواترة "فأي طريق استخرج بها العدل والقسط فهو من الدين وليست مخالفة له وكل مسألة خرجت من العدل إلى الجور، ومن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل". هذا ما نص عليه ابن القيم وغيره من العلماء، وأما الخطاب الحركي الإحيائي الذي ركّز على جانب الهوية أو المرجعية الإسلامية، فهناك فجوة واضحة بين المضامين، فثمّة اختلاف بين تصور راشد الغنوشي مثلا للدولة الإسلامية في كتابه "الحريات العامة في الدولة الإسلامية"، وتصور حركة طالبان أو أيمن الظواهري مثلا، وأبو محمد المقدسي أو حتى تقي الدين النبهاني وحزب التحرير الإسلامي، أو النموذج الذي يقدمه حزب العدالة والتنمية التركي. " ليس من المنطقي طرح السؤال عن شرعية الدولة المدنية، لأن الدولة المدنية ليست نقيضا للدولة الإسلامية وإنما هي نقيض للدولة البوليسية العسكرية التي تظهر بصور متعددة، فقد تكون الدولة المستبدة دينية يحكمها رجال الدين بالمعنى الثيوقراطي وادعاء الحكم الرباني الإلهي لمن يزعمون لأنفسهم العصمة والقداسة " صحيح أن الإسلاميين لم يتنازلوا عن مشروعهم في "إقامة الدولة الإسلامية"، ولا عن شعارهم "الإسلام هو الحل"، لكن أغلبهم استطاعوا فك الاشتباك والتوفيق بين المرجعية الشرعية وهوية الشعب والمجتمع وبين الديمقراطية والحكم الدستوري والتعددية السياسية، فلم تعد هذه المفاهيم محل نقاش أو جدل بل أصبحت من المسلّمات في خطاب الحركات الإسلامية المعتدلة التي توصف بـ"بحركات الإسلام السياسي"، وقد تجسد هذا المعنى بوضوح أثناء الحراك السياسي الشعبي العربي، وتوافقت الحركات الإسلامية مع المجموع الوطني على هذا الهدف. وكان هذا الأمر واضحا في مبادرات الحركات الإسلامية قبل أعوام؛ فقد أكدت قبولها بالديمقراطية ومضامينها التي شكلت قفزة كبيرة في مشروع الإصلاح الذي تبنته جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مثلا، عام 2012، حيث تضمن البرنامج الإصلاحي ببنوده الستة مبادئ العملية الديمقراطية، بل جعل ذلك هو الهدف الرئيس للحركة الإسلامية خلال المرحلة. وقد صدرت عن الأزهر وثيقة فقهية حدّدت صيغة الدولة الإسلامية بـ"الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة، ويحدد إطار الحكم ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة". وتعرّف الوثيقة طبيعة النظام الديمقراطي بالقول: "اعتماد النظام الديمقراطي القائم على الانتخاب الحر، الذي هو الصيغة العصرية لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية، بما يضمنه من تعددية ومن تداول سلمي للسلطة، ومن تحديد للاختصاصات ومراقبة للأداء ومحاسبة للمسؤولين أمام ممثلي الشعب، وتوخي منافع الناس ومصالحهم العامة في جميع التشريعات والقرارات، وإدارة شؤون الدولة بالقانون، والقانون وحده وملاحقة الفساد وتحقيق الشفافية وحرية الحصول على المعلومات. ويرى الدكتور علي الصوا أن النصوص جاءت بمبادئ عامة فقط، فنصّت على الشورى كمبدأ، وأن المرجعية في الأحكام لكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والعدل، والحريات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الفرد في داخل المجتمع، وقد نصت على جميع ذلك كمبادئ، لكن التفصيلات تُركت للسياسة الشرعية بحيث يحددها المجتمع في ظل ظرفه وبحسب متغيراته وفق ما يحقق مقاصده على أكمل وجه، وهذا هو معنى السياسة الشرعية. كما تعتبر أن مصالح المجتمع في النظر الإسلامي، هي مصالح دنيوية مرتبطة بتحقيق المقاصد الأساسية، الضروريات والحاجيات والتحسينيات باعتبارها غايات عليا، ويجب أن يتوخاها التشريع، وأن تتوخى تحقيقها الحكومات القائمة على تنفيذ هذا التشريع. ويُعرِّف ابن خلدون الدولة بأنها "كائن حي له طبيعته الخاصة به، ويحكمها قانون السببية، وهي مؤسسة بشرية طبيعية وضرورية، وهي أيضا وحدة سياسية واجتماعية لا يمكن أن تقوم الحضارة إلا بها". ويذكر "أن الدولة التي تُحكم وفق الهوى والشهوة هي الدولة الفوضوية التي تحكمها الغرائز، وهذه أساسٌ لخراب العمران وعدم نهوض الحضارات"، وبالعودة إلى اجتهادات العلماء المستندة الى أصول الفقه المقاصدي نجد أنهم يميزون بين العبادة والعادة، ولكل منهما منهج خاص في التعامل معه، ويجعل أبو إسحاق الشاطبي التمييز بين المجالين من "مقصد الشارع" ليس هذا التمييز خاصا بالشاطبي بل هي القاعدة المعتمدة لدى كبار علماء الإسلام قديما وحديثا ومنهم تقي الدين ابن تيمية حيث يقول: "تصرفات العباد نوعان عبادات يصلح بها دينهم وعادات يحتاجون إليها في دنياهم والأصل فيها عدم الحظر وما لم يثبت من العادات أنه منهي عنه فكيف يحكم على أنه محظور؟". " الحاكم في الإسلام لا يستمد مشروعيته من قوة غيبية، بل هو فرد عادي يستمد ولايته من الأمة التي اختارته وكيلا عنها بمحض إرادتها وهو مسؤول أمامها في الدنيا، فضلا عن مسؤوليته أمام الله يوم القيامة. لكن مسؤوليته في الآخرة فردية لا تنقص في شيء من مسؤوليته الدنيوية الكاملة أمام شعبه " ومن الواضح أن الجانب السياسي وإدارة شؤون الدولة استندت إلى المبادئ والقيم والمقاصد مثل العدل والشورى فيما يترك المجال للتطور والإبداع البشري وتراكم التجارب الإنسانية، وهو المعنى الذي عبر عنه أبو حامد الغزالي بقوله: "ما يتعلق بمصالح العباد من غير العبادات فالتحكم فيها نادر"، وما يعين على الفهم أنه ليس هناك نظام سياسي إسلامي واحد ومحدد وملزم، فلم يرد في الكتاب ولا في السنة شكل محدد للنظام السياسي ولم يرد أي تفصيل عن كيفية قيام الدولة ولا عن طريقة تدبيرها وإدارتها، كما أن العلماء لم يتفقوا على كيفية اختيار الحاكم أو عزله أو مدة ولايته ومدى صلاحياته ولا كيفية ممارسة الشورى أو كيفية حسم الخلاف بين رئيس الدولة وأهل الشورى؟ وليس من الضروري في المجال السياسي أن نبحث عن سند شرعي من النصوص لأي إجراء جديد، بل الذي يمنع الاجتهاد أو الاقتباس فعليه البحث عن الدليل الشرعي الذي يمنع من الاجتهاد والإجراء الجديد لأن الأصل في المعاملات الإباحة حتى يرد المنع. وبهذا المعنى فليس من المنطقي طرح السؤال عن شرعية الدولة المدنية بمفهومها المتقدم في التعريف؛ لأن الدولة المدنية ليست نقيضا للدولة الإسلامية وإنما هي نقيض للدولة البوليسية العسكرية التي تظهر بصور متعددة، فقد تكون الدولة المستبدة دينية يحكمها رجال الدين بالمعنى الثيوقراطي وادعاء الحكم الرباني الإلهي لمن يزعمون لأنفسهم العصمة والقداسة فيحتكرون حق التشريع، ويصادرون حق غيرهم مهما كان شأنهم واختصاصهم من خلال ولاية الفقيه وعصمة الإمام، علما بأن الإسلام ينزع كل عصمة أو قداسة عن ممارسات الحكام وقراراتهم، كما ينزعها عن الوسائل التي تتوصل بها الدولة لإدارة شؤون الأمة. والحاكم في الإسلام لا يستمد مشروعيته من قوة غيبية، بل هو فرد عادي يستمد ولايته من الأمة التي اختارته وكيلا عنها بمحض إرادتها وهو مسؤول أمامها في الدنيا، فضلا عن مسؤوليته أمام الله يوم القيامة. لكن مسؤوليته في الآخرة فردية لا تنقص في شيء من مسؤوليته الدنيوية الكاملة أمام شعبه. وقد تكون الدولة المستبدة علمانية يحكمها الفرد أو الحزب أو الطائفة أو الأسرة الحاكمة بسلطة مطلقة فوق العقد الاجتماعي والدستوري، وأما الديمقراطية فهي الآليات والأدوات الضامنة لتحقيق مبدأ الشورى وإرادة الأمة ومنظومة الحريات العامة وتحقيقها، وهذا ما وصل إليه المفكر الإسلامي الدكتور سعد الدين العثماني في بحثه المتفرد بعنوان "الدولة الإسلامية المفهوم والأماكن" حيث يقول: "وهكذا فإن الاصول الإسلامية لا تتنافى في شيء مع مفهوم الدولة المدنية، بل تؤسس لها على مختلف المستويات". هذه مقاربة في بحث هذا الموضوع الذي يحتاج إلى المزيد، وخاصة في عناوين أخرى ذات ترابط وثيق وتحتاج إلى بحث ودراسة مثل مفهوم الخلافة الإسلامية المعنى والإمكان. وربما يكفي هذا البحث بحده الأدنى لترك التردد والقبول بالديمقراطية والدولة المدنية. المصدر : الجزيرة الدولة المدنية الدولة الدينية مفهوم الدولة المدنية مفهوم الدولة الدينية الحركات الإسلامية الإسلام السياسي متعلقات أهم الأخبار لندن تشترط للإفراج عن الناقلة الإيرانية وظريف يتجه لنيويورك إستراتيجية الهروب من المستنقع.. الإمارات تنقل مئات المجندين للتدريب خارج اليمن السودان.. مظاهرات تطالب بالعدالة وتفاصيل تؤجل اتفاق المرحلة الانتقالية طالب ابنه لوكا بالعودة لإسبانيا.. سر مغادرة زيدان معسكر ريال مدريد بكندا كيف تتخلص من الصداع دون أدوية؟ سياسة الخصوصية سياسة ملفات تعريف الارتباط جميع الحقوق محفوظة © 2019 شبكة الجزيرة الاعلامية Powered by:

الأربعاء، 29 مايو 2019

زكاة الفطر نقدا (بالقيمة)

  ملتقى أهل الحديث > المنتدى الشرعي العام يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ولا يصادم السنن طالما تبدت مصلحة الفقير في ذلك ولا حرج محمد البشير مناعي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته آخر زيارة لك كانت: 28-05-19 الساعة 01:31 PM الرسائل الخاصة: 2 لوحة التحكم المشاركات الجديدة البحث خيارات سريعة تسجيل الخروج الملاحظات بحث مخصص عرض أول مشاركة غير مقروءة   أدوات الموضوع   #1     28-05-19, 02:05 PM حمادة العمري وفقه الله   تاريخ التسجيل: 03-07-17 المشاركات: 13 يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ولا يصادم السنن طالما تبدت مصلحة الفقير في ذلك ولا حرج تطمين القلوب بجواز إخراج زكاة الفطر نقود  - بحث حديثي فقهي في تحقيق مسألة جواز زكاة الفطر نقدا - هل صحيح أن إخراج صدقة الفطر طعام حكم تعبدي توقيفي يحرم مخالفته ، أم هو معلل مقصود به تحقيق مصلحة ظاهرة ؟ وهل هو موافق مقاصد السنة أم من ابتداع أبو حنيفة واجتهاد بعض السلف في العراق والذين أخطأوا فصادموا النصوص وناقضوا المقاصد ؟ وهل صح الأثر عن الصحابة أو عمر بن عبد العزيز وبعض الأئمة من التابعين أنهم أجازوا إخراجها نقدا وهل يعتد برأيهم القائل بالجواز ؟ وما هو رد المجيزون على ما قاله الإمامين مالك والشافعي، وكذلك ما ينقل عن الإمام أحمد أنه قال "النقد لا يجزئ ، هؤلاء قوم تركوا السنن واتبعوا الرأي أقول لهم قال رسول الله ويقولون قال عمر بن عبد العزيز" ؟ وفي النهاية هل جواز إخراجها نقدا دعوة إلى ترك السنة وابتداع تشريع جديد ؟ ما خلاصة القول في المسألة؟ - هذا ما سأعرضه في بحثي هذا والله أسأل التوفيق والسداد-  أولًا: نظرة حديثية في نصوص إخراج صدقة الفطر نقودا بداية أذكر نبذة مختصرة جدا عن (أبي إسحاق السبيعي الهمداني الكوفي (33ه -127ه) صاحب المقولة المشهورة في جواز إخراج صدقة الفطر نقدا: هو عمرو بن عبد الله بن ذي يحمد ، وقيل : عمرو بن عبد الله بن علي الهمداني الكوفي الحافظ ، شيخ الكوفة وعالمها ومحدثها ، وكان -رحمه الله- من العلماء العاملين ، ومن جلة التابعين ، ولد آخر سنتين في خلافة عثمان ورأى في صغره عليا رضي الله عنه ، ولما كان شابا غزا الروم في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، وثبت أنه لقي ٢٧ صحابيا ، وقيل أدرك ٣٨ صحابيا ، ومن كبار التابعين عدد لا يحصى ، حتى توفي في خلافة مروان بن محمد بن مروان بن الحكم.( تهذيب الكمال (ترجمة 4400) ، سير أعلام النبلاء (5| 392 ترجمة 180) وهنا أعرض الآثار في المسألة ، وتحقيقها: 📃عند ابن أبي شيبة في المصنف: 10371 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺃﺳﺎﻣﺔ، ﻋﻦ ﺯﻫﻴﺮ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﺇﺳﺤﺎﻕ (السبيعي)، ﻳﻘﻮﻝ: «ﺃﺩﺭﻛﺘﻬﻢ ﻭﻫﻢ ﻳﻌﻄﻮﻥ ﻓﻲ ﺻﺪﻗﺔ ﺭﻣﻀﺎﻥ اﻟﺪﺭاﻫﻢ ﺑﻘﻴﻤﺔ اﻟﻄﻌﺎﻡ". قلت(حمادة): وإسناده صحيح ، أبو إسحاق السبيعي تابعي كبير ثقة اختلط بآخره( تقريب التقريب (ترجمة 5065)) كذا قال ابن حجر ، لكن هنا يحضرني قول الذهبي: "ﻭﻗﺪ ﻛﺒﺮ ﻭﺗﻐﻴﺮ ﺣﻔﻈﻪ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﺴﻦ ﻭﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻂ" ( سير أعلام النبلاء (5\ 394)) ، والسبب في تقديمي لقول الذهبي هنا أنه لا يصح هنا التمسك بمسألة اختلاط ابو اسحاق لما كبر لأنه يحكي شيئا رآه وعاش فيه سنين وليست مرة واحدة حتى تنسى وتختلط عليه ، وقد أدرك الصحابة وكبار التابعين ، وما رُوِيَ عن غيره من التابعين في شأن هذه الصدقة يوافقه ويؤكد صحة كلامه. وروى ابن زنجويه في الأموال (3\1268): 2455 - ثنا محمد بن عمر الرومي، أنا زهير أبو خيثمة، عن أبي إسحاق الهمداني قال: «كانوا يعطون في صدقة الفطر بحساب ما يقوم من الورق». قلت: وإسناده حسن بمتابعة أبي أسامة عند ابن أبي شيبة. فصح وجود عدد من التابعين يرى أن إعطاء صدقة الفطر دراهم جائز ، وليس إعطاؤها طعام شرطا ولا توقيفا تعبديا. 📃ابن ابي شيبة في المصنف: 10370 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻭﻛﻴﻊ، ﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻋﻦ ﻫﺸﺎﻡ، ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ (البصري) ﻗﺎﻝ: «ﻻ ﺑﺄﺱ ﺃﻥ ﺗﻌﻄﻲ اﻟﺪﺭاﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﺪﻗﺔ اﻟﻔﻄﺮ» قلت (حمادة): إسناده صحيح. ولا يخفي قدر الحسن البصري في التابعين ومنهل علمه من عدد كبير من كبار فقهاء الصحابة . عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم (61ه – 101ه) الخليفة الراشد (خلافته 99ه-101ه): 📃ابن أبي شيبة في المصنف: 10369 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻭﻛﻴﻊ، ﻋﻦ ﻗﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﺟﺎءﻧﺎ ﻛﺘﺎﺏ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻓﻲ ﺻﺪﻗﺔ اﻟﻔﻄﺮ «ﻧﺼﻒ ﺻﺎﻉ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻧﺼﻒ ﺩﺭﻫﻢ" قلت(حمادة): إسناده صحيح. وعمر أمير المؤمنين تابعي أدرك عددا من الصحابة منهم أنس وسهل بن سعد وعقبة بن عامر والسائب بن يزيد وغيرهم ، وكتابه بلغ إلى الأمصار تعميما بين المسلمين، ولم ينقل أن أحدا من الصحابة الذين أدركوا خلافته أنكر عليه أو خالف أمره أو أفتى ببطلان أو حرمة ذلك ، وهم محمود بن الربيع (توفي 99ه) ، أسعد بن سهل بن حنيف (توفي 100ه)، وأبو الطفيل عامر بن واثلة الأسقع (توفي 100ه وقيل 110ه) ، ولا حتى من التابعين من أبناء الصحابة وغيرهم من أهل الفقه والعلم. 📃ابن ابي شيبة في المصنف: 10368- ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺃﺳﺎﻣﺔ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻮﻥ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﻛﺘﺎﺏ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻳﻘﺮﺃ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻱ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮﺓ «ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﺃﻫﻞومؤكد اﻟﺪﻳﻮاﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻄﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻋﻦ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻧﺼﻒ ﺩﺭﻫﻢ". قلت (حمادة): رجاله ثقات ، وهو صحيح بحديث قرة السابق. 📃 ابن زنجويه في الأموال: 2452- أخبرنا حميد أنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني يونس، عن ابن شهاب (الزهري ) قال: «أخذت الأئمة في الديوان زكاة الفطر في أعطياتهم». قلت(حمادة): إسناده صحيح. 📃 ابن زنجويه في "الأموال": 2454- أخبرنا حميد أنا محمد بن يوسف، ثنا يوسف، عن هشام، عن الحسن قال: «إذا أعطى الدرهم من زكاة الفطر أجزأ عنه» قال سفيان (الثوري): إذا أعطى قيمة نصف صاع من حنطة أجزأ عنه. وحميد ابن زنجويه نفسه كان يرى جواز النقد ، فإنه يقول فى كتاب الأموال (2016): " القيمة تُجزئ فى الطعام إن شاء الله والطعام أفضل ". ويرى الجواز أيضا الإمام يحيى بن معين كما فى تاريخه برواية الدورى: فى زكاة الفطر لا بأس أن يعطى فضة (برقم 2326). نظرة تأمل: ومما يستدل به من قول التابعي: "أدركتهم" أنه إذا كان القائل من كبار التابعين فهم الصحابة في الأغلب وربما يكونوا كبار التابعين (كما هو الحال في أبي إسحاق السبيعي)، وإذا كان من الطبقة الوسطى من التابعين فهم ربما الصحابة أو كبار التابعين ، وإذا كان من صغار التابعين فالغالب أنه يريد كبار التابعين. ثم إنه أفضل أهل الكوفة حديثا حيث كانوا لا يقدمون عليه أحدا ، فلا يزعم إنسان أنه كعامة الرواة الكوفيين ربما دخل في حديثهم دغل ، بل إن أبا إسحاق أدرك سبعين رجلا من الصحابة ، وروى عن العشرات منهم ، وأدرك عددا لا يحصى من كبار التابعين ، فإذا قال أدركتهم فالغالب أنهم الصحابة ، سيما إذا وفقه في الخبر الذي يحكيه قوم من كبار التابعين أو ورد نصا فيه عن بعض الصحابة ، فإن كبار التابعين معلوم عنهم أنهم لا يخالفون شيوخهم من الصحابة ، فمثلا لو أفتى بجواز أكل لحوم الخيل الحسن البصرى قائلا " لا بأس بلحم الفرس"( مصنف ابن أبي شيبة (24319)) ، وقد تعودنا منه الأخذ عن الصحابة لا من تلقاء نفسه ، فإذا ما وافقه أبو إسحاق السبيعي وقال "أدركتهم وهم يقتسمون الخيل"( مصنف ابن أبي شيبة ( 24317)) فهو محمول على مَن سبقه مِن صحابة وتابعين كبار ، ولو خالف التابعون الصحابة لفصَّل فيه أبو إسحاق. وكذلك الحال إذا قال أبو إسحاق «أدركتهم وهم يعطون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام» ، ووافقه الحسن وقال" لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر " علمنا أنه شئ غير مستنكر ولا مبتدع وإنما شئ مألوف زمنهم وزمن من قبلهم ، ولو كان على غير مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى خلاف فقه الصحابة لكان أول من ينكره هذا الجيل من كبار التابعين وتلاميذ علماء الصحابة المشهورون بالفتيا. وعلى فرض أنه يريد كبار التابعين وأهل الكوفة وليس الصحابة فإن هذا شاهد خير من أهل القرون الأولى الفاضلة لمسألة زكاة الفطر نقدا وخاصة إذا لم يوجد نكير من الصحابة ولم يثبت ذلك عنهم ولا عن كبار التابعين وتابعيهم. وأما عن أئمة الحديث وأعلم الناس بصحيح السنة وضعيفها ، منهم الأئمة أحمد وابن معين وابن زنجويه ، فقد كان أحمد وابن معين متصاحبين ، ولم يوجد نقل صحيح عن الإمام أحمد يعيب على من أخرجها نقودا أو يقرر صراحة أنها لا تجزئ، ولم ينقل عنه تلاميذه نصا بشأن إعطاء الصدقة نقودا ، بينما صاحبه الإمام يحيى بن معين قال : "فى زكاة الفطر لا بأس أن يعطى فضة" ( تاريخ ابن معين رواية الدورى (رقم 2326)) ، وقال حميد ابن زنجويه: " القيمة تُجزئ فى الطعام إن شاء الله والطعام أفضل"( الأموال (رقم 2016)) ثم العجب أن ترى البعض ينكر ويعارض تصرف عمر بن عبد العزيز بمقولة لا يثبت نسبتها إلى الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه ، وألفاظها لا تليق به ، أصلها وجميع مداراتها تعتمد ما أورده ابن قدامة المقدسي (ت 620ه) بغير إسناد أو مرجع معروف ، إذ يقول ابن قدامة: ((قال أبو داود قيل لأحمد وأنا أسمع: أعطي دراهم - يعني في صدقة الفطر - قال: أخاف أن لا يجزئه خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال أبو طالب، قال لي أحمد لا يعطي قيمته، قيل له: قوم يقولون، عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة، قال يدعون قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقولون قال فلان، قال ابن عمر: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال الله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} . وقال قوم يردون السنن: قال فلان، قال فلان)) ا.ه.( المغني (3\87) !!! أقول: فهل يحتج بمثل هذا الخبر عن رجل بينه وبين الإمامين أحمد وأبو داود 400 سنة!!! فأين كان منه أصحاب أحمد، وأين تلاميذه الذين دونوا ما سمعوه منه من فتاوى وآراء فقهية كولداه صالح (ت 266هـ)، وولده عبدالله (ت 290هـ)، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ البغدادي المعروف بالأثرم (ت 273هـ) وهو من أشهر من دون الفقه لأحمد في كتاب "السنن في الفقه على مذهب أحمد وشواهده من الحديث" ، ومن أشهرهم أيضًا أبوبكر أحمد بن الخلاّل (ت 311هـ) في كتاب "الجامع"، فأين هذا في كتبهم ؟ وأين هو في كتب أبي داود رحمه الله ؟! ********************** إخراجها طعام أمر توقيفي أم غير توقيفي: بداية لنرى هل صحيح ما قاله بعض فقهاء العصر كابن عثيمين رحمه الله - ووافقه فيه كثيرون - من أن إخراج زكاة الفطر طعام هو قضية تعبدية توقيفية لا يجوز مخالفة ما حدده رسول الله  فيها( مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (18\ 279- 282)) ، وعليه فهي توقيفية تعبدية كأنصبة المواريث ، وعدد ركعات الصلاة ، ونحوها؟ للجواب لابد لنا من التعرف على أنواع الأحكام الشرعية ، فهي نوعان ، أحكام تعبدية (توقيفية) وأحكام عادية (يسميها البعض معللة) ، ومرجع هذا التقسيم هو أن التعبد له معنيين، عام وخاص : فالعام: يشمل "العبادات" ، ويمتد ليشمل العادات إن قصد بها الطاعة ، ويشمل أي أمر أو نهي جاء به الشرع سواء كان الأمر فرضا أو مسنونا أو مستحبا أو مباحا ، ولنا الرجوع إلى أهل العلم من السلف والذين يرجع إليهم جمهور الفقهاء في معرفة أصول الفقه ومراد الأحكام. يقول الإمام الشاطبي موضحا الفرق بين التعبدي والعادي: (ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﻘﻞ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﺃﻭ اﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ ﻓﻬﻮ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﺪﻱ، ﻭﻣﺎ ﻋﻘﻞ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻭﻋﺮﻓﺖ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ ﺃﻭ ﻣﻔﺴﺪﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﻬﻮ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺎﻟﻌﺎﺩﻱ)( الاعتصام (2\429)). وللتوضيح أكثر نجده يقول قبلها بأسطر: (ﺛﺒﺖ ﻓﻲ اﻷﺻﻮﻝ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﺷﺎﺋﺒﺔ اﻟﺘﻌﺒﺪ ) انتهى( الاعتصام (2\429))، وبذلك يكون التعبد بالمعنى العام شاملا العادات والعبادات ، وجميع مناحي الحياة ، فاللقمة تجعلها في فم زوجتك عبادة. وأما التعبد بالمعنى الخاص: فهو ما قال فيه الشاطبي: (ما لا يعقل معناه على الخصوص) ، وأيضا قال فيه القرافي: ( ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻴﻪ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﺪ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻧﺎ ﻻ ﻧﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻧﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺣﻜﻤﺔ ﻟﻪ)( الذخيرة (١/ ٣٣٥)). فالنوع الأخير هو الذي يجب على المرء الوقوف عند ظاهره والتقيد به تحت أي ظرف دون إعمال العقل أو الاجتهاد ، لأنه توقيفي لا نعلم حكمته ، ومثاله من السنة أن رسول الله  أعطى الجدة السدس ؟ فهو حكم نبوي تعبدي توقيفي. بينما نجد أن أمْرَ رسولِ الله  للصحابة بالصلاة في بني قريظة والمؤكد بـ "لا" و "إلا" عقب غزوة الأحزاب لم يكن أمرا تعبديا توقيفيا ، بدليل مخالفة بعض الصحابة له بناء على إدراكهم علة الأمر ومقصد رسول الله منه  ، وقد فهم منه آخرون أنه أمر نبوي لا مجال فيه للرأي والاجتهاد فهو تعبد وتوقيف ليس فيه إلا التسليم له ، فلما علم رسول الله بتصرف الفريقين أقرهم ولم يعاتب أو يعنف أحدا منها ، روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ"( صحيح البخاري (حـ 946)). فكيف نعرف أن أمر إخراج صدقة الفطر (طعام على وجه التحديد) أمرا تعبديا (بالمعنى الخاص) ؟ أم أن له علة ؟ يقول الشاطبي في معرفة علل الأحكام الشرعية : ((اﻟﻀﺎﺑﻂ اﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺸﺎﺭﻉ؛ ﻓﻨﻘﻮﻝ ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ: ﺇﻧﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺟﻬﺎﺕ: ﺇﺣﺪاﻫﺎ: ﻣﺠﺮﺩ اﻷﻣﺮ ﻭاﻟﻨﻬﻲ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ اﻟﺘﺼﺮﻳﺤﻲ،... ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻴﺪ ﺑﺎﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ﺗﺤﺮﺯا ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﺃﻭ اﻟﻨﻬﻲ اﻟﺬﻱ ﻗﺼﺪ ﺑﻪ ﻏﻴﺮﻩ. اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: اﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﻠﻞ اﻷﻣﺮ ﻭاﻟﻨﻬﻲ، ﻭﻟﻤﺎﺫا ﺃﻣﺮ ﺑﻬﺬا اﻟﻔﻌﻞ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫا ﻧﻬﻲ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻵﺧﺮ؟ ﻭاﻟﻌﻠﺔ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺃﻭ ﻻ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ اﺗﺒﻌﺖ؛ ﻓﺤﻴﺚ ﻭﺟﺪﺕ ﻭﺟﺪ ﻣﻘﺘﻀﻰ اﻷﻣﺮ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺪ ﺃﻭ ﻋﺪﻣﻪ؛ ﻛﺎﻟﻨﻜﺎﺡ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﺘﻨﺎﺳﻞ، ﻭاﻟﺒﻴﻊ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﺎﻟﻤﻌﻘﻮﺩ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭاﻟﺤﺪﻭﺩ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻻﺯﺩﺟﺎﺭ...، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ؛ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺭﻉ ﺃﻧﻪ ﻗﺼﺪ ﻛﺬا ﺃﻭ ﻛﺬا)) انتهى ( الموافقات (٣/ ١٣٦- ١٣٧)). فتعال ننظر في صدقة الفطر هل يوجد ما يدل على أنها معللة معلومة العلة ؟ فإذا بنا نجد حديثا حسنا (عن ابن عباسٍ قال: فرض رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - زكاةَ الفِطْر طُهْرةً للصَائم مِن اللغو والرَّفثِ وطُعْمةً للمساكينَ، مَنْ أدَّاها قبلَ الصَّلاة، فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاة، فهي صَدَقةٌ من الصَّدقات)( أخرجه أبو داود(1609) ، والحاكم (1488) وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "، وابن ماجه (1827) ، وغيرهم ، صححه ابن الملقن في البدر المنير (5\618) ونقل تحسين المنذري ، وحسنه الألباني، وحسن إسناده الأرنؤوط في تحقيق سنن ابن ماجه). فأقول: ظهر لك مما تحته خط وجود علة معروفة أو هدف من صدقة الفطر ، وليس أمرا تعبديا توقيفيا كما زعموا. ولا خلاف في فرضية إخراجها فهي زكاة وإخراجها أمر توقيفي تعبدي ، فإن فات وقتها رجعت إلى حقيقتها وأصلها وهو ((صدقة من الصدقات)) ، وأما كونها تقدر بالكيل النبوي أو من أنواع أربعة محددة أو من طعام بالتحديد فهذه أمور قد فهمها كثير من سلف الأمة أنها ليست توقيفية ممنوع الاجتهاد فيها والرأي ، فخالفوها للمصلحة ، صحابة وتابعين وأتباع تابعين ، وسيأتي لك ذكر ذلك ، بينما أصر قوم آخرون من السلف على التمسك بظاهر النص ، وكلاهما خير. والسؤال بعد ذلك: هل علة صدقة الفطر (طُهْرةً للصَائم مِن اللغو والرَّفثِ وطُعْمةً للمساكينَ) لا تتحقق إلا بأخذ المسكين الطعام تحديدا؟ أفلا ينال الصائم المغفرة والتطهير ويحصل المسكين على الطعام إن أعطيناه النقود؟ وكيف الحال لو استجدت أمور في بلد من البلدان جعلت النقود أحب وأسهل وأسعد للفقير وأسرته من أن يأخذ منك الزبيب والشعير (أو الأرز وغيره من القوت مما أجازه الفقهاء) ؟ فهل تعطيه المال لأنك عرفت مقصد رسول الله  من زكاة الفطر أم أنك ستتوقف وتعطيه الأرز والقمح وتقول النصوص جاءت بذلك وهي نصوص توقيفية تعبدية؟!! وإذا كنت ممن يقول أن تلك النصوص تعبدية توقيفية ، فكيف أجاز العلماء إخراجها من غير ما نُصَّ عليه (صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب، وذلك بصاع النبي صلى الله عليه وسلم) فأجازوا إخراج الأرز وغيره مما يقتات به !! بل وكثيرا من أعلام السلف أجاز إخراجها نقدا ؟؟ وكيف قبل أكثر الصحابة في عهد معاوية إخراج نصف صاع ((مُدَّيْنِ)) من قمح الشام بدلا من ((صاع)) من تمر!! ثم كيف يسوغ لكبار فقهاء التابعين مخالفة الصدقة العينية طعام بتجويز إخراج القيمة ، على مرأى ومسمع من بعض الصحابة بغير نكير منهم !!! ولا حتى فتاوى مضادة منقولة عن قرنائهم أو خصومهم تقول بإنكار فعلهم وعدم إجزاء النقود!!! ثم رأينا الآن من الفتاوى المعاصرة ما يسيء (بغير قصد) إلى هؤلاء السلف المجيزون للقيمة ، ما بين اتهام بمخالفة النص وبين الزعم أن إخراج الطعام أمرا تعبديا يحرم مخالفته ، وأن المخالف يتهم السنة بالقصور ، وغيرها مما لا يصح ولا يليق. وسأعرض لك هنا بعض ما قاله الإخوة المعترضون على إخراج القيمة في زكاة الفطر وأرد عليه:- قالوا إن ((زكاة الفطر فريضة ، فالقضية تعبدية توقيفية يجب التوقف فيها عند نصوص الشرع)). قلت: ولا حجة فيه ، فقد بينت لك أن كون زكاة الفطر فرضا هو حكما تعبديا وأمرا عليه إجماع المسلمين ، بينما كونها تكال بالصاع النبوي ، أو تخرج من الأنواع المنصوص عليها ، أو تخرج طعاما دون غيره ، فهي أمور لا ينطبق عليها وصف التوقيف ، بدليل مخالفة كثير من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين لها باجتهادهم في تحقيق مصلحة بدت، وأما التعبد فهو غير منتفٍ عن ما فعله الصحابة والتابعون من تغييرات ، إذ أن التعبد حاصل بموافقة مقصد رسول الله . وقالوا ((أن الله عز وجل شرع أنواعا للزكاة ونص في كل نوع على إخراج أشياء من جنسه فنص في الزروع على زرع وفي المال منه وفي الأنعام منها ، وفي الفطر على طعام ، فدل على أن إخراج الطعام أمرا مقصود لذاته)). قلت: ولا حجة فيه ، ذلك أن هناك ما هو أوجب من زكاة الفطر وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة قد حدده الشارع بنصوص ، ألا وهو الزكاة ، ومع ذلك لا ينكر أحد وجود خلاف بين أئمة الفقه وأهل العلم والفضل في جواز إخراج القيمة بدلا عن نفس المال المزكى ، فرأي يقول بالجواز مطلقا كالأحناف ، ورأي ثاني يضاده يقول بالمنع مطلقا كالشافعية والمالكية وأحد القولين عن الإمام أحمد ، ورأي ثالث يقول بالجواز للحاجة والمصلحة الراجحة وهو قول الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية (ينظر : المغني لابن قدامة 3\87 ، المسائل والأجوبة لابن تيمية ص188). وهل يصح أن يأتي إنسان ويتهم الإمام أحمد وأبو حنيفة وابن تيمية وغيرهم من الفقهاء الموافقين لهم في الرأي ، بأنهم عصوا الله وخالفوا النصوص برأيهم وأفتوا في تغيير شئ كان مقصودا لذاته !! أم أنه الفقه في دين الله ومعرفة المقاصد؟ فمن منطق الحاجة والمصلحة الراجحة كان يجتهد ويفتي الصحابة والتابعون ، فقبلوا كيل معاوية وأخرجوا من غير الأنواع المنصوص عليها ، وأفتى التابعون بحضرة الصحابة بإخراج القيمة في صدقة الفطر ، وسار عليها أئمة المسلمين أزمانا حتى جاء بعدهم الإمام مالك فخالفهم وأفتى بعدم إجزاء القيمة وتبعه تلميذه الإمام الشافعي. وقالوا إن ((ﺇﺧﺮاﺝ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺫﻛﺮ ﺃﺷﻴﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﻘﻴﻢ ﻓﺪﻝ ﺃﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻬﺎ اﻷﻋﻴﺎﻥ ﻻ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ)). قلت: ولا حجة فيه ، ويُجاب عنه بأن ( الشعير والزبيب وغيرها من الأنواع المذكورة المختلفة القيمة ويقاس عليها كل ما يعد قوتا ، قد خَيَّر الشارعُ الصائمَ في إخراج أي منها ، ومعلوم أن لكل نوع قيمة في السوق ، فللصائم أن يختار لنفسه النوع الذي سيخرج منه الصدقة ثم ينظر قيمته يوم إخراجه فيخرجها نقودا إذا رأى ذلك أنفع وأيسر وأسرع إغناء وتمكينا لذلك الفقير من شراء ما يغنيه ، فلا يخلو كل نوع مذكور من قيمة تقابله ، فلا تعارض. وأما توحيد القيمة والذي يقرره إمام المسلمين فهو في الغالب يعاد تقديره كل رمضان لكي يكون موافقا لقيمة القوت السائد في سوق كل بلد ، بمعنى قيمة أحد الأنواع المذكورة أو ما حل محلها من قوت البلد ، ولا يضر إذا خالف الرجل تلك القيمة النقدية بزيادة أو نقص إذا تيقن أن قيمة الطعام أدق بحسابه هو عن حساب الأمير ، وإِنِ التَزَمَ ما حدده الأمير فهو أيضا محسن ، لأن تحديد الأمراء لها يكون بمشورة ودراسة أهل العلم والدين وليس هو قرار سياسي انفرادي). وقالوا أيضا إن ((ﺇﺧﺮاﺝ الطعام يناسب كل زمان ومكان بخلاف النقود عند غلاء الأسعار والتضخم والحروب)). قلت: فلا حجة فيه ، ويُجاب عنه بأن مسألة المناسبة وعدمها يحكمها النظر وفقه الواقع في ما هو أنسب في ذلك الزمان والمكان ، وهو الذي أدركه الصحابة فتقبلوا كيل معاوية في صدقة الفطر فعملوا به مع أن المد النبوي أقل من مد معاوية بكثير ، فأخذوا بكيل معاوية لما رأوا أن زمنهم قد تغيرت واستجدت فيه أمور جعلت من الأصلح للناس أن يأخذوا بمد معاوية ، ونفس الفقه الواقعي هو الذي أخذ به التابعون بمرأى ومسمع من الصحابة وبغير نكير فأجازوا إخراج قيمة الصدقة نقدا لما رأوا أنه تغيرت واستجدت أمور جعلت من الأصلح للفقير أن يأخذ النقود في صدقة الفطر، ثم إنه عند غلاء الأسعار والتضخم يأخذ الفقير مالا أكثر وهو ما يوازي قيمة الطعام ، فلا حرج ، وأما عند الحروب فالأفضل العودة للأصل وهو الطعام بحكم حاجة الناس وفقه الواقع أيضا لا لأنه لا تجوز النقود. وقالوا إن (( إخراجها طعاما هو قول الجماهير العريضة من أهل المذاهب الثلاثة ، وعندهم لا تجزئ القيمة ، وبالتالي تكون آثما ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك")). قلت: ولا حجة فيه ، ذلك أن العامي والمقلد والجاهل نقول له اتبع فتوى شيخك و"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ، وهذا الرجل لا شك أن الكثرة عنده مدعاة للاطمئنان ، وأما طالب العالم الساعي إلى معرفة الأدلة والتمكن في الفقه ومعرفة السنن وآثار السلف وفتاويهم فهذا لا نغلق في وجهه الباب بقولنا عليك بالأكثرية أو الجمهور و"دع ما يريبك"!! ومنذ متى كانت كثرة القائلين برأي هي الحجة والفيصل دون النظر في الأدلة والفقه في الأحكام؟؟!!! فقد خالف عمر رأي الجمهور في أسارى بدر وكان الحق معه ، والأمثلة كثيرة قديما وحديثا. ولو كان إخرجها نقودا إثم وعمل غير مجزئ ، فكيف سكت عنه الصحابة وأفتى به أئمة التابعين وسار عليه ولاة المسلمين!! وقالوا إن (( الصحابة لم يخالفوا أمر سول الله في إخراج نوع لم ينص عليه ، فقد نص على إخراج القمح في حديث عبد الله بن ثعلبة مرفوعا ، وفيه "أدوا صاعا من بر أو قمح بين اثنين" وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 3\170 )). قلت: ولا حجة فيه ، فبم تفسر إذًا مخالفة الناس بإخراج الأرز والعدس ؟! وأما عن حديث عبد الله بن ثعلبة فقد فرح القوم بتصحيح الشيخ الألباني له ، والحديث ضعيف لا يصح ، ويبدو أن الشيخ رحمه الله لم ينتبه لقول إمام العلل وجهبذ الطرق الدارقطني رحمه الله إذ جاء في العلل 7\39: (1195- وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي صُعَيْرٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ أَدُّوا صَاعَ قَمْحٍ عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ، وَالْمَمْلُوكِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَالْغَنِيِّ، وَالْفَقِيرِ. فَقَالَ: يَرْوِيهِ الزُّهْرِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛..... وَأَصَحُّهَا: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، مُرْسَلًا.) بل وضعفه الإمام أحمد وأيده الزيلعي أيضا ( نصب الراية (2\409))، والعجيب أن الشيخ الألباني رحمه الله حاول جاهدا أن يصححه بالشواهد حتى إنه استشهد له بشاهد ضعيف جدا وشواهد أخرى ضعيفة لا ترقى لإثبات ذكر القمح في أحاديث رسول الله  ( السلسلة الصحيحة (3\171)). والشيخ لكونه بشر قد وَهِمَ في الاستشهاد له بحديث جابر عند الدارقطني حيث قال الشيخ الألباني رحمه الله: "ورواه في " سننه " (225) بسند صحيح عن جابر مرفوعا دون ذكر الحلوى" !! وبالعودة إلى موضع إشارة الشيخ في كتاب الدارقطني نجد أن الحديث مروي موقوفا على الصحابي جابر رضي الله عنه!( سنن الدارقطني (3\87 حديث 2125) وقالوا إن ((ﺇﺧﺮاﺝ اﻟﻘﻴﻤﺔ نقدا لمصلحة الفقير في هذا الزمن فيه اتهام للشرع بأنه لا يعرف الأصلح للناس))!! قلت: ولا حجة فيه ، ويُجاب عنه بأن هذا المنطق نفسه لو أخذنا به لوجدنا نفس الدعوى أو التهمة تتجه إلى مَنْ غَيَّرَ مقدار الصدقة من صاع نبوي (أربعة أمداد) كان في العهد النبوي إلى مدين (نصف صاع) من قمح بكيل معاوية، وتتجه إلى كل من ارتضاها وعمل بها معه أيضا، لأنها الأصلح للناس في زمنه، وقد كان مدين من كيل معاوية تعدل صاعا من كيل رسول الله  ، بل وزاد عليها مروان بن الحكم وعمل بها الناس بغير نكير من علماء عصره ، ولا شك أن الزيادة أحسن وأصلح للفقير ، فقد علمنا من عطاء بن أبي رباح رحمه الله أن الكيل في العهد النبوي وأبو بكر وعمر كان أصغر منه في زمنه هو ( مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى عطاء (حـ 5759)) ، وكذا قال عروة بن الزبير: "أن مد النبي صلى الله عليه وسلم ثلث المد الذي جعله مروان بن الحكم" ( مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى عروة (حـ 5760)) ، ولك أن تتأمل كيف كُلِّفَ الصائم بذلك أن يُخرج صاع من تمر بكيل مروان هو في حقيقته يعادل ثلاثة صواع بالكيل النبوي! فهل يقول قائل أن معاوية أو مروان مثلا يشرعون شرعا لم يشرعه رسول الله ، أو يضيعون السنة بآرائهم! سبحان الله. ومع أن الأصل هو الكيل النبوي والأنواع المنصوص عليها في سنة رسول الله  ، انظر كيف تقبل الصحابة كيل معاوية وأفتوا به للناس ، بل وأخرجوا غير ما نُص عليه (القمح) ، ومن هؤلاء الصحابة : أبي هريرة وقال:"نصف صاع من قمح" (مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح حديث 5761). علي بن أبي طالب وقال" نصف صاع من بر"(مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح حديث 5773). جابر بن عبد الله وقال" مدان من قمح "(مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح حديث 5772). عبد الله بن الزبير وقال" مدان من قمح "(مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح حديث 5766). عبد الله بن مسعود وقال" مدان من قمح "(مصنف عبد الرزاق بإسناد ضعيف حديث 5769). وابن عمر وأبو سعيد الخدري لم ينكرا على أحد تغيير الكيل ولا الصنف المخرَج (مسلم 984 – مسلم 985). فهذا هو فهم الصحابة للنصوص وعدم التوقف عند ظاهرها ، ولم يدعوا أن الأمر توقيفي ، ولا أن مخالفه يتهم الشرع بالقصور. قال ابن المنذر في الإجماع : (106 - ﻭﺃﺟﻤﻌﻮا ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺻﺪﻗﺔ اﻟﻔﻄﺮ ﻓﺮﺽ. 107 - ﻭﺃﺟﻤﻌﻮا ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺻﺪﻗﺔ اﻟﻔﻄﺮ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮء ﺇﺫا ﺃﻣﻜﻨﻪ ﺃﺩاﺅﻫﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ اﻷﻃﻔﺎﻝ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﺃﻣﻮاﻝ ﻟﻬﻢ.) انتهى( الإجماع (ص47)). قلت: فكلمة فرض قصد بها (آداؤها) فجاء قوم فجعلوا القصد (أعيانها أو جنسها)!! التابعين وتابعيهم الذين هم أئمة المدارس الفقهية في بلدان متفرقة - أجازوا إخراج زكاة الفطر نقودا: إن الذين أفتوا بجواز إخراجها من السلف يمثلون مدارس فقهية في بلدان متفرقة تتلمذت على يد كبار فقهاء الصحابة كابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت وأنس بن مالك، وليس الأمر قاصر على أهل الكوفة وشيخهم أبو إسحاق السبيعي؛ فمنهم من هو بالمدينة ، ومكة ، والبصرة ، واليمن ؛ ومعظمهم توفي قبل أن تقوم الخلافة لعمر بن عبد العزيز (خلافة عمر 99-101ه) ، كي لا يدعي أحد أنه ابتدعها أو أُجبر الناس عليها بأمره ، ورغم أن عمر بن عبد العزيز تابعي أدرك عددا من الصحابة منهم أنس وسهل بن سعد وعقبة بن عامر والسائب بن يزيد وغيرهم ، وكتابه في صدقة الفطر بلغ إلى الأمصار ، إلا أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة الذين أدركوا خلافته أنكر عليه أو خالف أمره. وفيما يلي بيان أن الفتوى بجواز إخراج صدقة الفطر نقدا كانت أمرا معروفا غير مستنكر ، وأمرا منتشرا في بقاع أرض المسلمين ، في آخر عصر الصحابة ثم من تلاهم:- فعن ابن شهاب الزهري قوله: "أخذت الأئمة فى الديوان زكاة الفطر فى أعطياتهم" (كما فى الأموال لابن زنجويه بإسناد صحيح برقم 2012) فكان أمرا سار عليه أئمة المسلمين وفقهاؤهم في آخر عصر الصحابة وفيهم أنس بن مالك حي يرزق وبعض الصحابة المعمرين واستمر في عصر التابعين وتابعيهم، لم ينقل عن صحابي إنكاره ولا عن تابعي يقول بعدم إجزاء ذلك وإنكاره ، اللهم إلا ما ورد عن عطاء بن أبى رباح أنه كرهه فقط وهو مع ذلك لم يصح إسناده إليه فقد " أخرج ابن أبى شيبة فى مصنفه (برقم 10372) قال: حدثنا أبو بكر عن عمر عن ابن جريج عن عطاء أنه كره أن يعطي في صدقة الفطر ورقاً." قلت: إسناده ضعيف جداً فيه عمر وهو ابن هارون متروك . حتى جاء عصر الإمام مالك فأفتى بألا يخرج إلا الطعام وتبعه الشافعي وقال بنحوه ، وفي"المحلى" لابن حزم يذكر لنا من أفتى بجواز النقد في صدقة الفطر: (ﻭﺻﺢ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺇﻳﺠﺎﺏ ﻧﺼﻒ ﺻﺎﻉ ﻣﻦ ﺑﺮ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺻﺪﻗﺔ اﻟﻔﻄﺮ، ﺃﻭ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﺪﻳﻮاﻥ ﻧﺼﻒ ﺩﺭﻫﻢ.ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻭﻛﻴﻊ ﻋﻦ ﻗﺮﺓ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﻗﺎﻝ: ﻛﺘﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺑﺬﻟﻚ، ﻭﺻﺢ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﻃﺎﻭﺱ، ﻭﻣﺠﺎﻫﺪ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ، ﻭﻋﺮﻭﺓ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﻭﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ. ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ اﻷﻭﺯاﻋﻲ، ﻭاﻟﻠﻴﺚ، ﻭﺳﻔﻴﺎﻥ اﻟﺜﻮﺭﻱ) انتهى( المحلى (4\ 252)). وهنا أذكر بيان مختصر عن أسماء من أجازوها: ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ (ت 94ه): بالمدينة النبوية أحد الفقهاء السبعة وأخذ الفقه عن زيد بن ثابت. ﻭﻋﺮﻭﺓ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ (ت 94ه): بالمدينة النبوية أحد الفقهاء السبعة وأخذ الفقه عن زيد بن ثابت. ﻭﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ (ت 94ه): بالمدينة النبوية وأخذ الفقه عن زيد بن ثابت. ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ (ت 95ه): بمكة المكرمة وهو من أشهر من أخذ الفقه عن عبد الله بن عباس بمكة ثم من عبد الله بن مسعود بالكوفة. ﻭﻣﺠﺎﻫﺪ بن جبر (ت104ه) : بمكة المكرمة وأخذ الفقه عن عبد الله بن عباس. وﻃﺎﻭﺱ بن كيسان (ت 106ه) : بمكة المكرمة وهو من أشهر من أخذ الفقه عن عبد الله بن عباس ثم انتقل إلى اليمن. والحسن البصري(ت 110ه): بالبصرة ، أخذ الفقه عن عدد كبير من الصحابة ، ودعا له عمر بن الخطاب قائلا : قال: (اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس) ، وعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أنه سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ ، فَقَالَ : عَلَيْكُمْ بِمَوْلاَنَا الْحَسَنِ فَاسْأَلُوهُ ، فَقَالُوا : نَسْأَلُك يَا أَبَا حَمْزَةَ وَتَقُولُ : سَلُوا مَوْلاَنَا الْحَسَنَ ، فَقَالَ : إنَّا سَمِعْنَا وَسَمِعَ فَنَسِينَا وَحَفِظَ.(مصنف ابن أبي شيبة 36745 بإسناد حسن) ، وعن عَنْ حُمَيْدٍ وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، أَنَّهُمَا قَالاَ : قَدْ رَأَيْنَا الْفُقَهَاءَ فَمَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ أَحَدًا أَجْمَعِ مِنَ الْحَسَنِ.( مصنف ابن أبي شيبة 36744 بإسناد صحيح) . والزهري ، محمد بن شهاب (ت 124ه): تفقه بالمدينة النبوية وأخذ من أنس بن مالك وسهل بن سعد وغيرهم من الصحابة ومن كبار التابعين ومن الفقهاء السبعة ثم سكن الشام واستقر بها. ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ اﻷﻭﺯاﻋﻲ (157ه): وقد استقرت الفتيا في الشام عليه وعلى سعيد بن عبد العزيز ، والأوزاعي هو أول من دون السنة بالشام وأقوال الصحابة وفتاوى التابعين (تدريب الراوي 1\84). ﻭﺳﻔﻴﺎﻥ اﻟﺜﻮﺭﻱ (ت 161ه) وأبو حنيفة (ت 150ه): بالكوفة وسفيان هو أول من دون السنة بها وأقوال الصحابة وفتاوى التابعين فهو جدير بعلمها والفقه فيها (تدريب الراوي 1\84) وقد أخذ الفقه من مدرسة عبد الله بن مسعود ، بينما نشأ فقه مالك (ت 179) من معين مدرسة المدينة ، والشافعي(ت 204ه) من مالك وأصحاب أبي حنيفة ، وتأثر الإمام أحمد (ت 241ه) بفقه سفيان وفقه الشافعي ، ﻭاﻟﻠﻴﺚ بن سعد (ت 175ه): الفقيه المحدث إمام أهل مصر ، وكان الإمام الشافعي يقول: "اللَّيْثُ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ إِلاَّ أَنَّ أَصْحَابَه لَمْ يَقُوْمُوا بِهِ"(تهذيب الكمال 24\255) فهذه شهادة عظيمة من الشافعي له ، وتأمَّل. ويحيى بن معين (233ه) ببغداد الصاحب المقرب من الإمام أحمد ، فقد جاء في تاريخ ابن معين برواية الدورى (برقم 2326): "فى زكاة الفطر لا بأس أن يعطى فضة" ، وحميد ابن زنجويه (ت 251ه) فقيه ومحدث أهل خراسان كما جاء في الأموال (رقم 2457) :"القيمة تجزي في الطعام إن شاء الله، والطعام أفضل". عمر بن عبد العزيز ووقفة تأمل عند صدقة الفطر:  هو الخليفة العادل الذي قبل خلافته شهد له الثقات الأعلام أنه ما أخطأ قضاءه قط، "فعن الليث: حَدَّثَنِي قادم البربري أنه ذاكر ربيعة بْن أَبي عبد الرحمن شيئا من قضاء عُمَر بْن عبد العزيز إذ كَانَ بالمدينة، قال: فَقَالَ لَهُ ربيعة: كأنك تقول إنه أخطأ، والذي نفسي بيده ما أخطأ قط"( تهذيب الكمال (21\439))، فكيف بالله الظن به أنه يحيف على سنة رسول الله !! وإنما هو متبعٌ عالمٌ لمقاصد سنة رسول الله  . وهو الإمام الذي بعد الخلافة ما ابتدع وما اعوج عن السنة قط ، أحرص أهل زمانه على السنة : روى البخاري عن عبد الله بن دينار :" كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء"( صحيح البخاري (1\31)) ، بل وعمم هذا القرار إلى جميع أنحاء أرض الخلافة كما روى لنا أبو نعيم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْآفَاقِ: «انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْمَعُوهُ وَاحْفَظُوهُ؛ فَإِنِّي أَخَافُ دُرُوسَ الْعِلْمِ، وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ»( تاريخ أصبهان (1\366)) ؛ وهو أشبههم بصلاة رسول الله  بعد الصحابة بشهادة خادم رسول الله  أَنَسٍ رضي الله عنه إذ قَالَ: " مَا رَأَيْتُ إِمَامًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِمَامِكُمْ هَذَا ، لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ عُمَرُ لَا يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ "(مسند أحمد 8366- و 12465) وهو حديث حسن ) أفلا يدل ذلك على حرصه وتحريه وفقهه في سنة رسول الله ، فكيف ينتقص من التزاماته وقراراته منتقص! وهو (عمر) الذي قال في حق من يفسرون سنة رسول الله  على وفق رأيهم وهواهم لا على مراد رسول الله: "وَلَا رَأْيَ لِأَحَدٍ فِي سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (مسند الدارمي 446 رواه عنه الأوزاعي وإسناده حسن) ، وهو الذي خطب الناس بعد أن تولى الخلافة قائلا " أَلَا وَإِنِّي لَسْتُ بِقَاضٍ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ, وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ, وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْكُمْ غَيْرَ أَنِّي أَثْقَلُكُمْ حِمْلاً"( رواه عنه عبيد الله بن عمر بن حفص وإسناده حسن (مسند الدارمي حديث 447))، فأخبر أنه ليس بمبتدع وإنما هو متبع لمراد رسول الله لا لرأيه ومراد نفسه ، فهو موافق لمقصود رسول الله  في زكاة الفطر وتجويز إخراجها نقدا وإن كان ظاهر فعله المخالفة عند من لا يفقهون كفقه عمر وفقه من سبقه من أئمة التابعين تلاميذ الصحابة. كيف نفهم طبيعة فتاوى التابعين: "إن طبيعة تطور الحياة، واختلاف عصر التابعين عن عصر الصحابة من حيث ظهور الحوادث واختلافها، بموجب اتساع الحضارة الإسلامية والاختلاط مع الحضارات الأخرى، وما يترتب على ذلك من أمور كثيرة لا تقدر ظواهر النصوص والمرويات على معالجتها وبيان طبائعها وأحكامها، إن ذلك كله يحتم العمل بالرأي والأخذ بدور الاجتهاد الشرعي البنّاء في التعرف على الأحكام الشرعية لتلك الحوادث والنوازل، ولقد كان موقفهم من النصوص الموقف السليم الذي يتطلبه العقل الحكيم، فعرفوا أن الأحكام لم تشرع عبثا، وأنها إنما شرعت لعلل ومقاصد يطلب تحقيقها، ولابد من تعرفها... كما كان من نتائجه أن آمنوا بأن الأحكام التي تدل عليها النصوص، عرضة للتغير بمرور الزمن واختلاف البيئة، تبعا لتغير عللها التي أدت إليها، أو لأن المقاصد التي أريدت من شرعها أصبحت لا تتحقق إلا بأحكام أخرى، لتغير الزمن وأحواله، ومن ثم رأينا منهم فهما عميقا للنصوص، وعملا على الإحاطة بمقاصد الشريعة، وقد حفظ لنا الرواة والتاريخ من ذلك أحكاما تتفق مع النصوص في روحها، وتخالفها في ظاهرها"( الاجتهاد المقاصدي حجيته ضوابطه مجالاته، نور الدين بن مختار الحازمي(ج 1 ص58-61) باختصار وتصرف ). ‏ من ذلك: الحجر على المدين وبيع ماله جبرا عند جمهور الأئمة ، مع أنه لم يصح فيه حديث ، فهل يقول قائل كيف يجيزونه إجباره وأخذ ماله بالقوة وسنة نبيكم كان شعارها "مرني بحسن الأداء ومره بحسن الطلب". ومن تلك الأمثلة: تضمين الصناع، وإجازة التسعير، وعدم قبول توبة من تاب بعد تكرار التلصص وقطع الطريق ، وأجاز أيضا جمع من الفقهاء إعطاء الزكاة لفقراء بني هاشم من بيت المال ، لما تغيرت الظروف وانقطع عنهم خمس الخمس من الفيء والغنائم واشتد الفقر على بعضهم وأضر به ولم يكن له ما يغنيه عن الجوع ، وبعضهم أجاز لمجرد فقره وحاجته ، فهل يقول قائل قد خالفتكم وعصيتم قول رسول الله "إنا أهل البيت لا تحل لنا الصدقة" ، والزكاة فريضة ومصارفها حددها رسول الله ومنع منها آل البيت ، فهل يقال لمن سمح بإعطاء آل البيت (إنكم خالفتم أمرا توقيفيا تعبديا وتصرفتم في مصارف الزكاة بما يخالف أمر رسول الله !!) ، أوليست الزكاة المفروضة أشد خطرا من صدقة الفطر ، وتأمل. وخلاصة البحث : الأصل في صدقة الفطر الطعام وهو أصلح للفقير ، ويجوز النقد إذا ترجحت المصلحة فيه ، ولا حرج . كتبه الفقير : حمادة بن سيد هريدي، العمري ، المصري ....... في 18 رمضان 1440ه   #2     28-05-19, 04:25 PM أبو هاجر الغزي السلفي وفقه الله   تاريخ التسجيل: 30-09-11 المشاركات: 3,492 رد: يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ولا يصادم السنن طالما تبدت مصلحة الفقير في ذلك ولا حرج العجب لا ينقضي ممن يترك سنة رسول الله التي هي كالشمس! ولا يحث الناس عليها !! مع إمكانها وتيسرها ! ويزعم أنه ييسر على الناس بمخالفة شرع محمد -صلى الله عليه وسلم- !! ثم يحشد أقوالا لغير معصومين !!! وفي بعض طرقها مغمز !! ثم يقطع الطريق قائلا: لا تستنكروا فهؤلاء معظمون للسنة فافعلوا فعلهم !!! هلا عظمت سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم بدل هذا الحشد الذي لا طائل تحته إلا حث الناس على ترك شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- !!!كل هذا سبق مناقشته يا صاحب البحث ! وستجده مبثوثا هنا !! لكن: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ! __________________ أسند اللالكائي : عن الحسن بن عمرو قال : قال طلحة بن مصرف : (( لولا أني على وضوء لأخبرتك ببعض ما تقول الشيعة!! )).   #3     28-05-19, 05:01 PM يحيى خليل وفقه الله   تاريخ التسجيل: 04-07-07 المشاركات: 941 رد: يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ولا يصادم السنن طالما تبدت مصلحة الفقير في ذلك ولا حرج اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو هاجر الغزي السلفي العجب لا ينقضي ممن يترك سنة رسول الله التي هي كالشمس! ولا يحث الناس عليها !! مع إمكانها وتيسرها ! ويزعم أنه ييسر على الناس بمخالفة شرع محمد -صلى الله عليه وسلم- !! ثم يحشد أقوالا لغير معصومين !!! وفي بعض طرقها مغمز !! ثم يقطع الطريق قائلا: لا تستنكروا فهؤلاء معظمون للسنة فافعلوا فعلهم !!! هلا عظمت سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم بدل هذا الحشد الذي لا طائل تحته إلا حث الناس على ترك شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- !!!كل هذا سبق مناقشته يا صاحب البحث ! وستجده مبثوثا هنا !! لكن: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ! أحسنت أحسن الله إليك وأكرمك كما أكرمت سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أما الذين أعرضوا عن هديه صلى الله عليه وسلم، واتبعوا فلانا وفلانا، وقال فلان وعاد فلان، فأولئك مساكين، لم يتذوقوا حلاوة سمعنا وأطعنا بعد كل حرف ورد في الكتاب العزيز والحديث الشريف. زكاة الفطر إذا كانت من أحكام الجاهلية الأولى فلا بأس أن نأتي من الجاهلية الثالثة بقول فلان، وبقول فلانة. - أما إذا كانت زكاة الفطر من أمور الإسلام، وهي منه، فهنا يقف المسلم الحق في مقام الأدب، وخياراته ليست عند الناس. {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب : 36]. - وأما إذا كانت زكاة الفطر من أمور الإسلام، وهي منه، فقد قال الصادق الأمين: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» (1). ـ وفي رواية (2): «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ» (3). __________ (1) اللفظ للبخاري (2697). (2) اللفظ لأحمد (26673). (3) أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، وابن ماجة، وأبو داود، وأبو يعلى، من حديث القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها وأرضاها. واقرأ التوقيع __________________ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً   #4     28-05-19, 06:51 PM عبد الرحمن السرغيني وفقه الله   تاريخ التسجيل: 17-03-16 المشاركات: 24 رد: يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ولا يصادم السنن طالما تبدت مصلحة الفقير في ذلك ولا حرج ما أجمل تصحيح اللغة قبل تصحيح الأقوال. عذرا أخي الكريم، لو راجعت أمرك في ما كتبت وما تعقبت فلعلك أن ترجع عن بعض ذلك. ومنه مسألة التعبد، كلام الشاطبي في سياق آخر. والتعبد في الحديث له معنى ذكره من تعقبت كلامه الصحيح بارك الله فيك. وفقك الله.   #5     28-05-19, 09:24 PM إحسان القرطبي وفقه الله   تاريخ التسجيل: 10-10-09 المشاركات: 1,267 رد: يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ولا يصادم السنن طالما تبدت مصلحة الفقير في ذلك ولا حرج هذا البحث فيه كل شيء الا السنة و اتباع السلف إلا أنه مليء بالتشهي واتباع الأهواء والسلاطين   #6     29-05-19, 07:02 AM أحمد فوزي وجيه وفقه الله   تاريخ التسجيل: 24-10-09 الدولة: القاهرة المشاركات: 62 رد: يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا ولا يصادم السنن طالما تبدت مصلحة الفقير في ذلك ولا حرج تقول: فهل يحتج بمثل هذا الخبر عن رجل بينه وبين الإمامين أحمد وأبو داود 400 سنة!!! فأين كان منه أصحاب أحمد، وأين تلاميذه الذين دونوا ما سمعوه منه من فتاوى وآراء فقهية كولداه صالح (ت 266هـ)، وولده عبدالله (ت 290هـ)، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ البغدادي المعروف بالأثرم (ت 273هـ) وهو من أشهر من دون الفقه لأحمد في كتاب "السنن في الفقه على مذهب أحمد وشواهده من الحديث" ، ومن أشهرهم أيضًا أبوبكر أحمد بن الخلاّل (ت 311هـ) في كتاب "الجامع"، فأين هذا في كتبهم ؟ وأين هو في كتب أبي داود رحمه الله ؟! ما هذا التهور ؟! يا حمادة (العمري) اتعب شوية وراجع كتاب مسائل أبي داود للامام أحمد (ص123) قال: سَمِعْتُ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنِ الْخُبْزِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ لِأَحْمَدَ وَأَنَا أَسْمَعُ يُعْطِي دَرَاهِمَ؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ خِلَافُ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فهذا هو ما نقله ابن قدامة وهذا مصدره وهو معروف عن أحمد فلا حاجة للتهويل والتشنيع والتهور في نفي أقوال الأئمة. ثم إنك قد ذكرت سعيد بن المسيب وعروة وأبو سلمة وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير كلهم قالوا بهذا القول ولم تبين ما هو مستندك في اثبات هذا القول إليهم؟ أم أنك اعتمدت ما قاله ابن حزم وقلدته من غير بحث, إنما البحث والتحقيق فقط في أقوال مخالفيك ! وإليك نصيحة: لا تكن مقلدا وإمعة في جمع أدلتك وأقوال من يؤيد مذهبك ثم تصير باحثا ناقدا ومحققا مدققا في أدلة مخالفيك وأقوال معارضيك فهذا ينافي الانصاف والأمانة العلمية. والواجب أن تعطي كلا الطرفين نفس الجهد والدقة في النقل والتحقيق والله الموفق. بحثك فيه فوائد بلا شك والمسألة الخلاف فيها معروف بين السلف والخلف والأمر واسع إن شاء الله, والسنة في إخراج زكاة الفطر هي من جنسها (طعام وإفطار) هذه هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها الخير والبركة. ومن تأمل تصرف الشارع في الزكوات الشرعية فكل زكاة تخرج من جنسها فزكاة المال (مال) وزكاة الزروع (من زرعه) وزكاة الحيوان من جنسه كذلك وهكذا... والله أعلم. ولا نشدد على المخالف ولا نضيق واسعاً والمسألة اتسعت فيها أنظار الأئمة وأقوالهم وليسعنا ما وسعهم والحكم لله أولاً وآخراً والحمد لله. __________________ https://www.facebook.com/ahmed.salafy.7 الرد السريع الرسالة: خيارات عرض توقيعك في المشاركةإقتباس المشاركة في الرد؟ إرسال رد سريع لتنسيق الرد وضبطه « الموضوع السابق | الموضوع التالي » الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 1 والزوار 0) ‏محمد البشير مناعي تعليمات المشاركة تستطيع إضافة مواضيع جديدة تستطيع الرد على المواضيع تستطيع إرفاق ملفات تستطيع تعديل مشاركاتك BB code is متاحة الابتسامات متاحة كود [IMG] متاحة كود HTML معطلة Forum Rules الانتقال السريع إذهب الساعة الآن 11:39 AM. الاتصال بنا - ملتقى أهل الحديث - الأرشيف - بداية الصفحة vBulletin الإصدار 3.8.11 حَيَّاكُمُ اللهُ فِيْ مُلْتَقَى أَهْلِ الْحَدِيْثِ Powered by vBulletin® Version 3.8.11 Copyright ©2000 - 2019, Jelsoft Enterprises Ltd.