لقاء رقم (20 )من لقاءات الباب المفتوح للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى :
سئل رحمه الله :
ماحكم من أذن لأخذ الأجرة فقط ؟
فأجاب رحمه الله :
أولا : يجب أن نعلم أن ماتعطيه الحكومة من المكافآت للأئمة والمؤذنين ليس بأجرة ولكنه عطاء من بيت المال لمن قام بمصالح المسلمين ، كالمدرسين والأئمة والمؤذنين والقضاة والأمراء وماأشبه ذلك .
فليس هذا من باب الأجرة حتى نقول إن الأجرة على القرب لاتجوز ، بل هو من باب العطاء من بيت المال لمن قام بهذا الوظيفة .
ولكن يبقى النظر في مسألة : هل يجوز للمؤذن أو الإمام أن يقول : أنا أؤذن من أجل الراتب أو أكون إماما للناس من أجل الراتب ؟
الجواب نقول :
لا تنو هذه النية ، هذه النية تحبط عملك ولايكون لك أجر من الآذان ، ولا أجر من الإمامة ، ولا أجر من القضاء ، ولا أجر من التدريس .
أنو أنك تدرس وأنك تقبل ما يأتي من الحكومة من هذا الراتب لتستعين به على أمور حياتك .
فإذا فعلت ذلك فإن الراتب لايفوتك والنية الصالحة تبقى لك ، ولكن قد يغلب الشيطان بني آدم يقول : أؤذن لهذا العطاء ، أدرس لهذا العطاء ، فهذا قال فيه شيخ الإسلام رحمه الله :" إن عمل عبادة لأجل المال فليس له في الآخرة من خلاق " أي ليس له في الآخرة من نصيب .
المهم أن ندعو الناس الى تصحيح النية .أ.هـ
........................................................
قال الشيخ عبدالعزيز الراجحي وفقه الله تعالى في الشرح والإبانة (الإبانة الصغرى) :
أخذ الأجرة على الأذان والإمامة
ومن البدع : أخذ الأجرة على الأذان، والإمامة، وتعليم القرآن، وتغسيل الموتى .
نعم، "ومن البدع: أخذ الأجرة على الأذان والإمامة، وتعليم القرآن، وتغسيل الموتى" يعني: يُستأجر إمام يصلي بالناس، أو مؤذن يصلي بالناس، هذا استئجار ممنوع، أو يستأجر إنسانا يحج؛ هذا أخذ أجرا على القربى، والقُرَب لا يؤخذ عليها أجر، لا يؤخذ على القُرَب أجر.
والأذان عبادة فلا يؤخذ لا يؤخذ عليه أجرة، والإمامة عبادة لا يؤخذ عليها أجرة، وكذلك -أيضا- الحج عبادة لا يؤخذ عليه أجرة؛ ولهذا سئل الإمام أحمد عن رجل يقول: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا درهما، فقال: -أسأل الله العافية- ومن يصلي خلف هذا ؟!هذا كونه يُستأجر.
أما الرواتب من بيت المال هذا ليس من الأجرة، كونه يعطي المؤذن راتب بيت المال، أو الإمام أو رجال الحسبة، والهيئة والقضاة، والمعلمين والمتعلمين، هذه أرزاق من بيت المال.
وكذلك إذا أعطي إعانة من غير شرط، ومن غير مشارطة هذا لا بأس به، وإن كان الأفضل كون الإنسان يتبرأ، هذا أفضل الأخذ من بيت المال لا بأس به، لكن المشارطة، يقول -مثلا-: أنا أصلي بكم كل شهر بكذا وكذا، شارط أهل الحي، وأؤذن الشهر بكذا وكذا بأجرة، أو لا أحج إلا بكذا وكذا، هذا ممنوع .
ولهذا قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: هناك فرق بين من يحج ليأخذ، ومن أخذ ليحج. حج ليأخذ أو أخذ ليحج؟ إحداهما ممنوعة والأخرى جائزة، أخذ ليحج و حج ليأخذ، حج ليأخذ الدراهم أو أخذ الدراهم ليحج، أيهما الجائزة؟ نعم أخذ ليحج هذا لا بأس، أخذ المال ليحج به، ليتوصل به إلى الحج؛ لأنه عنده رغبة، وله شوق إلى المشاعر ولكن ما عنده استطاعة، فهو يأخذ الدراهم ليتوصل بها إلى الحج، ويقضي الحج عن أخيه المسلم ويستفيد ما زاد من العبادات.
أما حج ليأخذ معناه: ما حج إلا ليأخذ الدراهم، هذا هو الذي قال فيه شيخ الإسلام: يخشى أن يكون داخلاً في قوله -تعالى-: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
فالقاعدة أن العبادات لا تؤخذ عليها أجرة، العبادات لله، ما تؤخذ أجرة على الأذان، ولا على الإمامة، ولا على الحج، ولا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما مسألة التعليم كما قال المؤلف -رحمه الله- فأخذ الأجرة على الأذان والإمامة عرفناه، لكن الأرزاق من بيت المال. .. رزق من بيت المال والرواتب والإعانات التي تُعطىَ من دون أجرة، من دون مشارطة لا بأس بها.
أما تعليم القرآن فالصواب أنه لا بأس بأخذ الأجرة عليه؛ لما ثبت في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله لأن الإنسان قد -يعني- ينشغل عن كسبه لأولاده.
تغسيل الموتى كذلك لا بأس بأخذ الأجرة عليه إذا لم يوجد من يتبرع، فلا بأس بأخذ الأجرة؛ فثبت في حديث عثمان بن العاص أنه قال: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم، واقْتَدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا .
ولهذا قال الترمذي: العمل على هذا عند أكثر أهل العلم، كرهوا أن يأخذ على الأذان أجرا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه، لا شك أن هذا أفضل، يتبرأ، لكن إذا أخذ من بيت المال لا حرج، أو إعانات تُعطىَ من قِبل المحسنين من دون اشتراط المال. .. نوع المشارطة، نعم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق