Translate

الأحد، 20 يناير 2019

جمع الشتات لرخص العبادات.

(جمع الشتات لرخص العبادات ) ........... ............. ..... الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا. وبعد: هذه خلاصة لبحث قمت به مؤخرا يتعلق برخص العبادات، أضعه بين أيدي الإخوة بمنتدى أهل الحديث، ليبدو فيه آراءهم، ومشاركاتهم، ونصائحهم، ويسهموا في إثرائه وإصلاح أخطائه، وسأوافيكم به بإذن الله في حلقات متتابعة في كل أسبوع؛ أسأل الله لي ولكم علما نافعا، ورزقا واسعا، وعملا متقبلا. محمد البشير مناعي الوادي الجزائر. مقدمة الموضوع. مما يتميز به دين الإسلام الذي شرفنا الله به، وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس، أنه دين السماحة واليسر في الشرائع والتكاليف، سواء فيما يتعلق بالعبادات، أو المعاملات، لا إصر فيه ولا حرج، يستطيع المسلم أداء عبادته بكل سهولة ويسر، قال الله (: "وما جعل عليكم في الدين من حرج."الحج 78. وقال:"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر."البقرة 185. وقال رسول الله: ( "إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه." أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (. وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه". وفي صحيح الترغيب والترهيب للألباني من حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله ( : "إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه." ومما يؤثر عن الإمام سفيان الثوري رحمه الله ، قوله: "إنما الفقه الرخصة من ثقة، أما التشديد فيحسنه كل أحد". ومن القواعد الفقهية الأصولية الكبرى في الشريعة الإسلامية قاعدة:"المشقة تجلب التيسير، ومعناها باختصار: أن تطبيق التكاليف الشرعية مرهون بالقدرة والاستطاعة؛ وكلما وجدت المشقة، وجد التيسير. فالصلاة المكتوبة فرضها الله (أول الأمر خمسين صلاة، ثم خففها إلى خمس، وهي بأجر الخمسين. ورخص الشرع الحنيف لمن لا يستطيع أن يؤديها قائما، فمن جلوس، أو مضطجع، تخفيفا وتيسيرا، ويسر الله (على من لم يجد الماء أو يتضرر باستعماله، أن يتيمم. وقس على هذا من تخفيف وتيسير، في الزكاة، والصيام، والحج؛ وحتى في المعاملات نلمس أثر التخفيف والتيسير ظاهرا. والغريب أن مع هذه السماحة واليسر والتخفيف، يوجد بعض الناس يستنكفون عن الأخذ بالرخص الشرعية، أو يستحيون من العمل بها، ولعلهم في أشد الحاجة إليها، كمن يصر على صيام رمضان وهو مصاب بأمراض مزمنة وخطيرة، أو من يكلفون الشيخ الكبير الفاني بأداء الحج وهو ساقط عنه أصلا، أو لا يعترفون برخصة المسح على الجوربين، وهم في أمس الحاجة إليها، وغيرهم كثير. وإن تعجب من جهل وغفلة بعض العوام، فالعجب كل العجب من تزمت بعض الخواص، وأشباه المتدينين، الذين لا يحسنون من الدين إلا التشديد، ولا يفقهون منه إلا التضييق، بحجة الأخذ بالعزيمة، والعمل بالأحوط، وليتهم يلزمون بهذا أنفسهم فقط، وإنما يكلفون به جميع الناس. أخبرني أحد الثقات: أن لهم إماما يطيل بهم في الصلاة، ما جعل بعضا من الضعفة يشتكون إليه عدم قدرتهم على طول القيام، فقال لهم: (عليكم بالكراسي أو الجلوس.) وما يدري هذا أنه جعل في الدين حرجا، ورد نفسه فتانا. وفي إحدى المرات، كنت مسافرا في مهمة، رفقة اثنين من الزملاء الأئمة، ونحن في طريقنا، حان وقت صلاة الظهر، فأوقفنا السيارة في أرض رملية قفر، فقلت لزميلي: هذه فرصة، لنصلي بأحذيتنا، عملا بالتيسير، واتباعا للسنة؛ فرفضا قولي، وخلعا أحذيتهما، فقلت: لا لوم إذن على العوام. ومن هذا يتضح أن الأخذ بالرخص الشرعية بضوابطها، وعند الحاجة إليها، واجب شرعي، وطاعة لله ولرسوله؛ كما يعد الإعراض عن استعمال هذه الرخص ،جهل بالدين، وعصيان لله ورسوله، من حيث يدري العبد أو لا يدري. فعن جابر (، قال: «خرج رسول الله ( عام الفتح إلى مكَّة في رمضان فصام حتَّى بلغ كُراع الغميم فصام النَّاس، ثمَّ دعا بقدح من ماء فرفعه حتَّى نظر النَّاس ثمَّ شرب؛ فقيل له بعد ذلك: إن بعض النَّاس قد صام، فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة». (أخرجه مسلم والترمذي). ويعضد هذا قوله (: "ليس من البرِّ الصيام في السفر."(رواه الخمسة عن جابر(. وإذا كان الأخذ بالعزائم عمل عظيم ومرغوب عند القدرة والنشاط، فإن الأخذ بالرخص له نفس الدرجة والأهمية، إن لم نقل أكثر؛ وخاصة عند الحاجة إليه: كالسفر، والعجز، والضعف، والمرض؛ حتى يعطي للنفس قسطا من الراحة، والمداومة، وعدم الملل. وقصة عبد الله بن عمرو بن العاص( في الصحيحين، لأكبر دليل على ما نقول؛ فقد نهاه النبي ( عن التشدد والتعمق في العبادة، وقد كان يصوم الدهر، ويقرأ القرآن كل ليلة، وقد يكبر ويضعف، أو يسأم ويمل؛ ومما قال له رسول الله (: "فإن لزوجك عليك حقا، ولزورك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا" قال: فشددت، فشدد علي. قال: وقال لي النبي (:"إنك لا تدري لعلك يطول بك عمر؛"قال: "فصرت إلى الذي قال لي النبي (، فلما كبرت، وددت أني كنت قبلت رخصة نبي الله (". ومن هذا المنطلق ألهمني الله فكرة القيام بكتابة هذا المختصر الجامع لرخص العبادات التي يحتاج إليها المسلم، بطريقة مبسطة، وأسلوب سهل، يزداد به تفقها في دينه، ويستعين به في أداء عبادته على أكمل وجه، وأحسن حال؛ ودعمته بالشواهد والأدلة، حتى ينتبه الغافل، ويستيقن الشاك، ويقتنع المتردد؛ وسميته: ((جمع الشتات لرخص العبادات)) إشارة إلى مادته ومحتواه، ومقصده ومعناه. فالله أسأل أن يثقل به ميزان حسناتي، ويغفر به زلاتي، ويرحم به والدي الكريمين، والمسلمين؛ كما أرجو من كل من قرأه وانتفع به، أن لا يبخل علي بالنصيحة، إن رأى فيه خللا أو نقصا، وأن لا ينساني من دعائه بظهر الغيب. تعريف الرخصة لغة واصطلاحا: لغة: تُطْلَقُ ويراد بها عدَّة معان، منها: التَّسْهيل والتَّخفيف والتَّيسير. وأما اصطلاحا فهي:«الحكمُ الشَّرعيُّ الذي غيَّر من صعوبة إلى سهولة ويسر لعذر اقتضى ذلك، مع قيام سبب الحكم الأصليِّ». وهذا التعريف: لتاج الدين السبكي، نقله عنه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الله التويجري في كتابه "تتبع الرخص بين الشرع والواقع" بقوله:"إنه أفضل تعريف اصطلاحي للرخصة." قلت: وللأخذ بالرخصة، يقول الأستاذ أسامة محمد الصلابي في كتابه،"الرخص الشرعية، أحكامها وضوابطها،"معددا الأسباب المبيحة للترخص (الأعذار الشرعية) أنقل عنه قوله بتصرف شديد: الضرورة، المشقة، السفر، الإكراه، المرض، النسيان، الخطأ، الجهل، عموم البلوى، النقص. والمقصود بعوم البلوى، هو: ما لا يستطيع المسلم أن يتخلص منه أو يبتعد عنه: كالحائض والنفساء يشق عليهما قضاء الصلاة، والقطط والكلاب لا يمكن التحرز من بولها في الأرض، ولعابها في المياه والأواني، وما يصيب الناس من أوساخ الشوارع. ص/294 /295 والنقص عكس الكمال، وهو صفة في المكلف طبيعية، أو عارضة، دائمة، أو مؤقتة، تؤدي إلى إسقاط التكليف عنه، كالنوم، وعدم البلوغ، وفقدان العقل، لقوله (:"رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يصحو، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل، أو يفيق." ابن ماجة. ص313 |314. انتهى . ولنبدأ بذكر رخص العبادات متسلسلة متبعين فيها أبواب الفقه مستعينين بالله فنقول وبالله التوفيق: النية . .......... ألنية أساس الأعمال، محلها القلب ولا دخل للسان فيها، ومن الرخص الشرعية في النية أن صاحب الوسوسة الدائمة، (المستنكح)عليه أن لا يلتفت لما ينتابه من وساوس وأحاديث النفس، فإذا كان يشعر مثلا: بأنه لم ينو النية عند الوضوء، أو التيمم، فهو قد نوى، وإن كان يشعر أنه لم ينو الدخول في الصلاة، أو ما هي الركعة، أو السجدة التي هو فيها، فليبن على ما شك فيه، وليواصل صلاته، وكذلك الحال في الصيام، والحج وغيره، وقس على هذا، وساوس العقيدة، والطلاق، والإخلاص، وغيرها. والأصل في هذا، قول الله (:"إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان."النحل106. وقول الرسول (:"إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم." قال قتادة: " إذا طلق في نفسه فليس بشيء."رواه البخاري من حديث أبي هريرة. باب الطلاق. قال الشيخ عليش في إحدى فتاويه مبينا ضابط من استنكحه الشك وحكمه: "ضَابِط اسْتِنْكَاحِ الشَّكِّ إتْيَانُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صِفَةُ إتْيَانِهِ، أَوْ اخْتَلَفَتْ، كَأَنْ يَأْتِيَهُ يَوْمًا فِي نِيَّتِهِ، وَيَوْمًا فِي تَكْبِيرَةِ إحْرَامِهِ، وَيَوْمًا فِي الْفَاتِحَةِ، وَيَوْمًا فِي الرُّكُوعِ، وَيَوْمًا فِي السُّجُودِ، وَيَوْمًا فِي السَّلَامِ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ وَحُكْمُهُ وُجُوبُ طَرْحِهِ، وَاللَّهْوُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الْأَكْثَرِ لِئَلَّا يُعْنِتَهُ، وَيَسْتَرْسِلَ مَعَهُ حَتَّى لِلْإِيمَانِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى." فتح العلي المالك، فتاوى الشيخ عليش.1/127 الطهارة .................. الطهارة واجبة لأداء الصلاة لقول رسول الله (: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور."رواه مسلم. من حديث عبد الله بن زيد الجرمي. في الثوب، والجسم، والمكان، وتكون بالماء الطَهور المطلق، من ماء المطر، أو من البحر، أو من النهر، أو البركة، أو البئر، ولو سقطت فيه بعض الهوام؛ إذا لم يتغير لونه، أو ريحه، أو طعمه؛ فإن تغيرت أوصافه بطول مكثه، أو بسبب الأرض التي يجري عليها، فهو باق على طَهوريته، صالح للعادة والعبادة. والماء الذي خالطه شيء طاهر يسير، كالزيت والسمن والدقيق، فلم تتغير رائحته ولا لونه ولا طعمه، فهو باق على طَهوريته، صالح للعادة والعبادة. ويدل على هذا حديث أُمِّ هَانِئٍ (:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( اغْتَسَلَ هُوَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فِي قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ." رواه النسائي، وصححه الألباني في الإرواء. والماء الذي خالطه شيء يسير، من المطهرات والمنظفات: كالصابون، أو الجافيل، باق على طَهوريته، ولو بقي فيه رائحة، أو لون، أو طعم من المواد المذكورة. وسؤر الحيوان الذي يخالط الناس، ويشق تحرزهم منه: طاهر، ولو كان غير مأكول اللحم، أو من السباع؛: كالقط، والكلب، والحمار، والبغل، والفأر، ونحوها من سواكن البيوت . (والمقصود بالسؤر ما يفضل من أكلها وشربها). ويدل على ذلك: حديث كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ: "أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا.قَالَتْ: فَسَكبْتُ لَهُ وَضُوءًا ، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ .قالت كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ .فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا بِنْتَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ .قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وْالطَّوَّافَاتِ." رواه البخاري. الأعيان الطاهرة والنجسة ................................... وكل حيوان حي فهو طاهر، ويلحقه: ما يخرج منه من لعاب ومخاط وعرق وبلغم ودموع؛ آدمي، وغيره، ولو كان خنزيرأ، أو كلبا، هذا هو المعتمد في المذهب المالكي؛ قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله، يعد الأعيان الطاهرة: والحي ودمعه وعرقه ولعابه ومخاطه وبيضه، ولو أكل نجسا, إلا المذر، والخارج بعد الموت. ويقصد بالمذر: البيض المتعفن. والإنسان والحوت طاهران أحياء وأمواتا، وكذلك كل حيوان ميت ليست له نَفْس سائلة: فهو طاهر، ومنه جميع الحشرات: كالذباب، والجراد، والنمل، والنحل، والعقرب، والصراصير، والخنافس، والعناكب . والنفس بفتح الفاء، بمعنى: الدم؛ وكل الحشرات التي ليس لها دم يسيل . والدليل في طهارتها: قوله (: ( إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ، ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وَفِي الْآخَرِ دَاءً). رواه البخاري . ومن وقع عليه شي في طريقه، فليحكم بطهارته، وليس له أن يسأل عن ماهيته، أطاهر هو أم نجس؟ وإن أخبر عن شيء بأنه طاهر، صدق القائل، ولو كان خلافَ ما قيل له؛ يروى عن عمر بن الخطاب ض أنه مر يوماً، فسقط عليه شيء من ميزاب، ومعه صاحب له، فقال الذي معه: يا صاحب الميزاب، ماؤك طاهر، أو نجس؟ فقال عمر ض: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا. ومضى ـ ذكره أحمد، وذكره مالك في الموطأ. والفأر وما شابهه، إذا سقط ميتا في الجامدات: كالسمن ونحوه، يطرح وما حوله، وينتفع بما تبقى، وإن سقط في المائعات: كالزيت ونحوه، يطبق عليه حكم الماء، فلا يتنجس إلا إذا تغير لونه، أو ريحه، أو طعمه، خلافا لما عليه الجمهور. وقد ذهب إلى أن حكم المائعات حكم الماء، طائفة من علماء‏ السلف:‏ كالزهري، والبخاري.‏ وقد ذكر ذلك رواية عن مالك، وهو أيضًا مذهب أبي حنيفة، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية، أنه لا يتنجس إلا إذا تغير؛ وقال: إن ما استدل به الجمهور ضعيف. الاستنجاء ..................... ومن استنجأ بعد قضاء الحاجة، وتوضأ ثم انتقض وضوؤه بسبب ريح أو نوم، فلا داع لإعادة الاستنجاء مرة أخرى، إلا إذا بال أو تغوط. ومن لم يجد الماء عند قضاء الحاجة، أو كان يتضرر باستعماله: لمرض، أو عجز، يكفيه الاستجمار بشيء جامد: حجر، أو ورق، ونحوه؛ غير مشرف، ولا مؤذ، ولا نجس؛ ويستحسن ثلاث مرات، فإذا حصل الإنقاء بأقل من الثلاث فلا حرج، فإن بقي شيء يسير من النجاسة بعد الاستجمار، فهو عفو. عن جابر أن النبي( قال:"من استجمر فليوتر." رواه مسلم. وعند الاستنجاء ، يكتفى بإزالة ما ظهر من النجاسة، ولا يتتبع ما خفي . قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: وليس عليه ـ أي مريد الاستنجاء ـ غسل ما بطن من المخرجين حال استنجائه، لا وجوبا ولا ندبا، بل ولا يجوز له تكلف ذلك بأن يدخل الرجل أصبعه في دبره، وتدخل المرأة أصبعها في قبلها، لأنه من البدع المنهي عنها، بل المرأة تغسل دبرها كالرجل، وتغسل ما يظهر من قبلها حال جلوسها لقضاء الحاجة، كغسل اللوح. الحيض والنفاس ..................... والمرأة التي لها عادة في حيضها، ستة أو سبعة أيام مثلا، وطهرت، ثم عاودها الحيض مرة أخرى، أو مرات مستمرة، أو متقطعة، فهو دم علة وفساد، (استحاضة )لا يمنع من العبادة والجماع. أما التي أصبحت عادتها غير منتظمة، كمن تستمر معها يوما، أو يومين، ثم تطهر، ثم تعاودها يوما أو يومين، فإنها تلفق أيام عادتها التي كانت معها ستة أو سبعة أيام، ولا تلتفت لما ظهر بعد ذلك، فحكمها حكم الطاهرة. قال رسول الله ( لحمنة بنت جحش حيث استحيضت: فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام في علم الله ، ثم اغتسلي". رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه. قال صاحب أسهل المسالك: ومن تقطع طهرها تلفق أيام حيضها فقط فحققوا. وهل للمرأة الحامل حيض؟ في المسألة خلاف، ولكن الراجح أن ما يعتريها من خروج دم أثناء الحمل، يعتبر استحاضة، وليس حيضا يمنعها من العبادة. وهو الذي أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية، وما حققه كثير من أهل العلم، ومنهم: د عبد الله المصلح، ود عبد الجواد الصاوي. في بحث لهما خاص بهذه المسألة، في مجلة الإعجاز العلمي. والمرأة التي ترى الصفرة، أو الكدرة بعد طهرها، لا تعتبرها شيئا، ولا تسمى من الحيض، أو من النفاس، وإنما هي ناقضة للوضوء، كالبول، لقول أُمِّ عَطِيَّةَ: (كُنَّا لا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا). رواه أبو داود. وصححه الألباني في صحيح أبي داود. ورواه البخاري بلفظ : (كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا). والصفرة هي سائل مائل للإصفرار، والكدرة سائل مائل للإحمرار. ويجوز للحائض أن تقرأ الأذكار وما يتبعها من الآيات القرآنية من الذاكرة؛ وإن كانت تعلم أو تتعلم جاز لها الإمساك بالمصحف، وإن أمسكت بجزء من القرآن لكان أحسن، أو تستعمل المصحف المصور في الهاتف الذكي، أو الجهاز اللوحي . ويجوز للمرأة استعمال الحبوب لتعطيل العادة الشهرية، لتصوم رمضان، أو تؤدي الحج أو العمرة، إذا كانت لا تتضر باستعمالها حاضرا، أو مستقبلا. ومن رأت علامة الطهر في حيضها، أو نفاسها، تتطهر، وتبادر إلى مواصلة العبادة التي امتنعت عنها، ولا تنتظر المدة المعتادة. ومن كانت مستحاضة، أو لديها إفرازات دائمة من القبل، تتوضأ لكل صلاة، عندما يحين وقتها، ويجوز لها الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، جمع تقديم، أو جمع تأخير، هذا قول الجمهور. لقوله ( للمستحاضة:"توضئي لكل صلاة." رواه البخاري ومسلم . وقال بعض أهل العلم: إن دم الاستحاضة والإفرازات طاهرة، ولا تنقض الوضوء. ويرى المالكية خاصة: أنه لا يجب على من حدثه دائم أن يتوضأ لوقت كل صلاة، وإنما يجزئه وضوؤه ما لم يحدث، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ وعبارته: والأحداث اللازمة ـ كدم الاستحاضة وسلس البول ـ لا تنقض الوضوء ما لم يوجد المعتاد، وهو مذهب مالك. ويقصد بالمعتاد، الناقض المعتاد. والخارج المعتاد عند المالكية ـ هو البول والغائط ونحوهما ـ إذا كان خارجا على وجه الصحة. ففي الفواكه الدواني، في بيان ما ينقض الوضوء: يَجِبُ لِمَا يَخْرُجُ عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ مِنْ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ الْمُعْتَادَيْنِ، وَهُمَا الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ. وللعلم أن المذهب المالكي فيه توسعة وتيسير أكثر من غيره من المذاهب في مسائل الطهارة، والعفو عن ما يشق على المسلم يقول الشيخ محمد البشار في كتابه (أسهل المسلك في مذهب الإمام مالك) ص27: وكل ما شق فعنه يعفى لعسره والدين يسر لطفا كثوب قصاب وثوب المرضعة وبلل الباسور أو ما ضارعة ومثله طين الرشاش والمطر أو حدث مستنكح أو كالأثر من دمل لم ينك أو ذباب إن طار عن نجس على الثياب أو خرء برغوث ودون الدرهم من عين قيح أو صديد أو دم أو ما على المجتاز مما سال وصدق المسلم فيما قال: الغسل والغسل هو تعميم الماء على الجسد، بنية رفع الحدث الأكبر؛ وعليه: فمن نوى الغسل من الجنابة، وغطس في حوض، أو نهر، أو بحر، فقد تم غسله، ولو لم يخلع ثيابه، لأن العبرة بعموم الماء كل الجسد وقد حصل. ورغم أن المالكية يجعلون الدلك من فرائض الغسل، إلا أن الذي عليه الجمهور، أن الدلك غير واجب، مستدلين بحديث عائشة أن النبي عليه السلام أفاض الماءَ على جسده, ولم تذكر فيه الدلك. قال ابن عبد البر المالكي في شرح الموطأ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِي وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِي وَالْأَوْزَاعِيُ: يُجْزِئ الْجُنُبَ إِذَا انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَتَدَلَّكْ،. والمرأة لا يطلب منها نقض شعرها المظفور عند الغسل، أو غسله إذا كان طويلا، وإنما يكفيها أن تحثو على رأسها ثلاث حثيات من الماء، ثم تدخل أصابعها تحت الشعر وتدلك أصوله ليمس الماء فروة الرأس. وذلك لحديث أم سلمة (أنها قالت للنبي( : إني امرأة أشد ظفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟ قال:"لا، إنما يكفيك أن تَحثي على رأسك ثلاث حَثَيات، ثم تفيضين عليك الماء، فتطهرين." رواه مسلم. يقول الصاوي في كتابه:"حاشية الصاوي على الشرح الصغير، في باب الوضوء": ينفع النساء في الوضوء تقليد الشافعي أو أبي حنيفة، وفي الغسل تقليد أبي حنيفة لأنه يكتفي في الغسل بوصول الماء للبشرة وإن لم يعم المسترخي من الشعر. بل لو كان المسترخي جافا عنده فلا ضرر، كما ذكره في الدر المختار. وقال الجزيري في كتابه،الفقه على المذاهب الأربعة، متحدثا عن الغسل عند المالكية:"ويستثنى من ذلك كله شعر العروس، إذا زينته، أو وضعت عليه طيبا ونحوه من أنواع الزينة، فإنها لا يجب عليها غسل رأسها في هذه الحالة، لما في ذلك من إتلاف المال، بل، يكتفي منها بغسل بدنها، ومسح رأسها بيدها، حيث لا يضرها المسح، فإن كان على بدنها كله طيب ونحوه، وتخشى من ضياعه بالماء، سقط عنها فرض الغسل، وتيممت". وقال نحو هذا الصاوي في حاشيته ، وخليل في مختصره، وقال الحطاب: للبكر سبعة أيام، وللثيب ثلاثة أيام. وأفتى به أيضا الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي، في إحدى فتاواه بعنوان: حكم ما يُجعل على رأس العروس. قلت: وهذه رخصة جليلة، وفي غاية الأهمية تبرز مدى سماحة ويسر هذا الدين، وتبين علم، وفقه، وذكاء علمائنا الأجلاء رحمهم الله ، فجزاهم عن الإسلام والمسلمين كل الخير. والذي يتضرر من غسل رأسه، أو جرحه،عند الغسل، يمسح على شعره، أو جرحه، ثم يغسل جسده؛ فإن كان يتضرر من غسل جسده، ينتقل إلى التيمم. والرجل والمرأة إذا احتلما، لا يجب عليهما الغسل، إلا إذا رأيا الماء، يعني: بقايا مني، فعن أم سلمة أم المؤمنين ( أنها قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله ( فقالت يا رسول الله: إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله (: "نعم إذا رأت الماء." متفق عليه. وغسل الجنابة يكفي عن غسل الجمعة، أو العيد، أو الإحرام، أو دخول مكة. وغسل الجنابة كاف عن الوضوء؛ فمن اغتسل يستطيع أن يصلي, بخلاف غسل الجمعة، أو غيره من الأغسال المستحبة، فيلزم الوضوء قبله أو بعده. ومن كان يغتسل فمس ذكره، أو خرج منه بول، أو ريح، فليواصل غسله، ويعيد الوضوء فقط، ولا يعيد الغسل. قال ابن عاشر رحمه الله: تبدأ في الغسل بفرج ثم كف عن مسه ببطن أو جنب الأكف أو إصبع ثم إذا مسسته أعد من الوضوء ما فعلته. أما المرأة فلمسها لفرجها لا ينقض وضوءها، وهو المشهور عند المالكية. التيمم واذا لم يجد المسلم الماء، أو كان يتضرر باستعماله، أو خاف خروج الوقت الاختياري، انتقل إلى الطهارة الترابية ((الصعيد الطاهر)) فيضع كفيه على التراب، أو الرمل، أو الحجر الطبيعي، دون نفخ، أو غسل أو مسح، ناويا استباحة الممنوع، أو رفع الحدث الأصغر، أو الأكبر، يمسح بهما على وجهه وكفيه مرة واحدة، على قول الجمهور؛ وإن زاد الضربة الثانية ومسح يديه إلى مرفقيه، فهو أحسن، إلا أن في الضربة الواحدة تيسير وتخفيف، خاصة على المريض والعاجز، والمرأة بين الأجانب، قال الله (: "وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه". المائدة 6. كما يجوز له الاستمرار في التيمم ما دام العذر قائما وموجودا، ولو لمدة طويلة. قال رسول الله ( "إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير." رواه الترمذي من حديث أبي ذر (. والتيمم المطلوب بدل الوضوء، هو نفسه المطلوب للجنابة بدل الغسل، ولكن إذا زال العذر يغتسل، ولا يعيد الصلاة التي صلاها بالتيمم. وللعلم أن الصعيد الطاهر، يشمل التراب، والرمل، والحجر، والرخام الطبيعي، والسباخ ��غيرها. وفي الموطأ، قال مالك: لا بأس بالصلاة في السباخ والتيمم منها، لأن الله تبارك وتعالى قال: "فتيمموا صعيدا طيبا"، فكل ما كان صعيدا ، فهو يتيمم به، سباخا كان، أو غيره. ومن التيسير والسماحة في دين الإسلام، أن جعل الله الأرض كلها لهذه الأمة مسجدا وطهورا، فحيثما كان المسلم وتواجد، يصلي ومعه طهوره ومسجده. ففي صحيح البخاري من حديث جابر ( قال: قال رسول الله (: وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. والتيمم للجنابة كاف عن التيمم للصلاة، فلا داع لإعادة التيمم مرة أخرى، إلا إذا حدث ناقض. ويجوز للمتيمم أن يصلي بتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل، على خلاف قول الجمهور، باعتبار أن التيمم لا ينتقض إلا بما ينقض الوضوء؛ وفي هذا رخصة لمن عجز عن إعادة التيمم: كالمريض، والمرأة بين الأجانب، وفاقد الصعيد... المسح على الخفين أو الجوربين ومن التيسير في الطهارة، المسح على الجبيرة، والخفين، أو الجوربين، أما الجبيرة: فهي ما يوضع على الجرح، أو الكسر، من جبس، أو قماش حتى لا يتسرب إليه الماء والهواء والتراب؛ فيكتفى بالمسح عنه أثناء الوضوء.  والمسح على الجبيرة لا يفتقر إلى نية، ولا توقيت، ولا زمن، ولا يشترط أن تكون الجبيرة على طهر، وإذا سقطت لا ينتقض الوضوء، ويجوز تبديلها وتغيرها. ففي سنن أبي داود، من حديث جاب�� ( قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات! فلما قدمنا على النبي ( أخبر بذلك فقال:"قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر، أو يعصب (شك موسى) على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده". وأما الخفان، أو الجوربان: فهما ما تحفظ به القدمان، من جلد، أو قماش، أو غيره، فيكتفي بالمسح عليهما، بدل غسل القدمين عند تجديد الوضوء، بشرط إدخالهما طاهرتين طهارة مائية، وكانا يغطيان الكعبين، وغير شفافين. والأصل في ذلك ما رواه الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: توضأ النبي ( ومسح على الجوربين والنعلين. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق؛ قالوا: يمسح على الجوربين وإن لم يكن نعلين، إذا كانا ثخينين. ونشير إلى أن المالكية لا يجيزون المسح إلا على الخفين. وطريقة المسح تتم بوضع اليدين المبللتين فوق الجوربين، أو الخفين، اليد اليمين فوق القدم اليمين، واليد اليسار فوق القدم اليسار، ثم يمسح على ظهور القدمين، بتمرير يديه إلى أعلى الكعبين. هذا المسح يكفيه لمدة ثلاثة أيام بلياليهن�� إن كان مسافرا، ويوم وليلة إن كان مقيما. ففي صحيح مسلم، من طريق شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فَسَلْه، فإنه كان يسافر مع رسول الله (، فسألناه، فقال: جَعَل رسول الله ( ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم . والمرأة بين الأجانب إن احتاجت إلى الطهارة، ولم يمكنها أن تستتر، فإنها تتيمم في وجهها وكفيها وتصلي، وليس لها أن تكشف عن عورتها أمامهم من أجل الطهارة، سواء كانت غسلا أو وضوءا، وسواء كان الحاضرون عندها رجالا أو نساء، واحتاجت لكشف ما لا يجوز كشفه أمام النساء، بل تعدل إلى التيمم وجوبا. كما يجوز لها أ�� تمسح عن خمارها، بدل المسح عن شعرها عند الوضوء لهذا السبب، ولغيره: كشدة البرد، أو مشقة خلع الحجاب ولبسه، أو وضع لبادة من الحناء، أو لفافة طبية الخ... سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، هل يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها؟ فأجاب: "المشهور من مذهب الإمام أحمد، أنها تمسح على الخمار إذا كان مدارا تحت حلقها، لأن ذلك قد ورد عن بعض نساء الصحابة رضي الله عنهن . وعلى كل حال فإذا كانت هناك مشقة، إما لبرودة الجو، أو لمشقة النزع واللف مرة أخرى، فالتسامح في مثل هذا لا بأس به، وإلا فالأولى ألا تمسح" .فتاوى الطهارة. ( ص 171 ويدخل في هذا صاحب العمامة التي تلف، وتشد على الرأس، ولا تن��ع إلا بمشقة. روى البخاري من حديث عمرو بن أمية ض قال: رأيت رسول الله ( يمسح على عمامته وخفيه. وليس على المرأة حرج في ما وقع عليه ثوبها المرخي خلفها ولو لامس نجاسة وهي تسير في طريقها، فما بعده من الأرض يطهره، ففي صحيح أبا داوود: جاءت امرأة إلى أم المؤمنين أم سلمة ض فقالت: إني أطيل ثوبي وأمشي في المكان القذر فقالت: قال رسول الله (: "يطهره ما بعده". الوضوء لا يشترط في الوضوء التثنية، ولا التثليث في غسل الأعضاء، وإنما تعميم الماء على العضو، فإذا تحقق غسل العضو ولو مرة واحدة، فهو كاف، والتثنية والتثليث أفضل. قال البخاري في صحيحه: أن النبي (: فرض الوضوء مرة مرة، وتوضأ أيضا مرتين وثلاثا، ولم يزد على ثلاث. ولا يطلب من المرأة نزع، أو تحريك أساورها، أو خواتمها عند الغسل، أو الوضوء، وكذلك الرجل في الخاتم المأذون فيه، أو الساعة. إلا إذا كانت ضيقة، بحيث تعزل الماء عن البشرة. قال الباجي في المنتقى: فإن كان في يده خاتم فهل يحركه أم لا؟ قال مالك في العتبية: ليس عليه تحريك الخاتم في الوضوء، وقال ابن المواز: ولا في الغسل، وقال ابن حبيب: إن كان ضيقا فعليه تحريكه، وليس عليه ذلك إن كان واسعا. ويجوز للمرأة أن تمسح على شعرها المضفور، أو المعقوص ولا تنقضه، قال في المدونة: وإن كان شعرها معقوصا مسحت على ضفرها، ولا تَنقض شعرها؛ قال في الطراز: لأن موضع المسح التخفيف، وفي نقض الشعر عند كل وضوء أعظم مشقة. نص عليه الحطاب، في مواهب الجليل، باب الوضوء. ويجوز مسح بعض الرأس عند الوضوء، على القول المرجوح، وفي هذا رخصة جد هامة، للمريض والعاجز، والعروس عند زفافها. والاقتصار على مسح بعض الرأس، هو قول الشافعية والحنفية، ورواية عن أحمد، رجحها في حق المرأة خاصة كثير من الحنابلة. قال ابن قدامة رحمه الله: وَمِمَّنْ قَالَ بِمَسْحِ الْبَعْضِ: الْحَسَنُ وَالثَّوْرِي وَالْأَوْزَاعِي وَالشَّافِعِي وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي حَقِّ الرَّجُلِ، وُجُوبُ الِاسْتِيعَابِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ يُجْزِئُهَا مَسْحُ مُقَدَّمِ رَأْسِهَا. قَالَ الْخَلَّالُ: الْعَمَلُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهَا إنْ مَسَحَتْ مُقَدَّمَ رَأْسِهَا أجزأها. وَقَالَ مُهَنَّا: قَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَسْهَلَ. قُلْت لَهُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَمْسَحُ مُقَدَّمَ رَأْسِها. انتهى. وسبق لي أن أشرت في موضوع الغسل، إلى ما ذكره الصاوي في حاشيته، قوله: "ينفع النساء في الوضوء، تقليد الشافعي أو أبي حنيفة". يعني، مسح بعض الرأس. ويجوز لصاحب (القسطرة) أن يصلي بها، وهي ملتصقة به، فإن تسرب لها بول أو غائط أثناء صلاته، فلا حرج عليه، فالمشقة تجلب التيسير. والقسطرة جهاز يركب للمريض الذي لا يتحكم في البول أو الغائط. كما يجوز لصاحب القسطرة المذكورة، أن يدخل بها المسجد، ويصلي مع الجماعة، إذا لم يتسبب وجوده في روائح كريهة، أو تلويث المسجد بالنجاسة. ولمس أو تقبيل الزوج لزوجه والعكس، لا ينقض الوضوء، ولا يفطر الصائم على المشهور، فعن عائشة (، أن النبي ( : (قَبّل امرأة من نسائه، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ). أبو داود. والترمذي في الطهارة. وكذلك النوم الخفيف، والحركة داخل البطن أو الدبر، لا تنقض الوضوء إلا إذا كان معها صوت أو رائحة، وذلك لتأكيد الناقض، ونفي الوهم، وإلا فالناقض قد يحصل ولو بغير صوت أو رائحة. فعن عباد بن تميم عن عمه، قال: شكي إلى النبي (، الرجل يجد في الصلاة شيئا، أيقطع الصلاة؟ قال:" لا حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا". وقال ابن أبي حفصة، عن الزهري: "لا وضوء إلا فيما وجدت الريح، أو سمعت الصوت" متفق عليه. ومن كان به سلس دائم من الريح، أو البول يتوضأ لكل صلاة لما يحين وقتها، ويجوز له الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، جمع تقديم، أو جمع تأخير. ويجوز لغير المتوضئ قراءة القرآن من ذاكرته، أو من المصحف المصور في الهاتف الذكي، أو الجهاز اللوحي، أو الكمبيوتر؛ لأن المصحف المصور، لا ينطبق عليه حكم ال��صحف الذي قال الله ( فيه:"لا يمسه إلا المطهرون". الحلقة الخامسة من رخص العبادات رخص الصلاة ومن شروط الصلاة: الطهارة، ستر العورة، استقبال القبلة. وهي مشروطة مع الاستطاعة والتذكر، وساقطة مع العجز والنسيان؛ وعليه فالذي لا يستطيع أن يتجه للقبلة، لعجز أو مرض أو جهل، فليصل إلى أي اتجاه كان، ويدخل في هذا الراكب في سيارة، أو حافلة، أو طائرة، أو سفينة، وكان يخشى خروج الوقت الاختياري. والقبلة بالنسبة للمصلي الذي لا يرى الكعبة، هي جهتها فقط، وليس عينها، قال الله عز وجل:" فَوَل وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره" البقرة 144. فمن كان بعيدا عن القبلة ��ليجتهد في استقبالها، وتكفيه جهتها الواسعة جدا؛ ففي صحيح سنن الترمذي من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة". ومن صلى بنجاسة في بدنه،أو ثوبه أو مكانه، ناسيا لها حتى أتم صلاته، فصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه. وأما العاجز عن إزالتها، فيصلي ولو كان يعلم بها. ونضيف لما سبق ذكره، مسألة في غاية الأهمية، ألا وهي التفريق بين النجاسات والأوساخ؛ لأن كل نجاسة وسخ، وليس كل وسخ نجاسة. فإذا كانت النجاسة والتي هي: الدم، والقيح، وفضلات: الآدمي، والمحرم، والمكروه، من بول وغائط ، تمنع الصلاة، سواء كانت على الجسم، أو الثوب ، أو المح��، فإن الأوساخ ليست نجسة، ولا تمنع من الصلاة، مثل: الزفت، والشحوم والزيوت الحيوانية والصناعية، والوحل، والطين، والفحم، الخ..إلا أنه ينبغي التنزه منها؛ وفي هذا تخفيف وتيسير، على المهنيين والعمال، ومن هم في حكمهم، والذين عليهم أن يؤدوا صلاتهم في وقتها المحدد، ولا يؤخرونها بسبب نظافة أبدانهم، وتغيير ملابسهم، كما يفعل البعض. إذن فلا يجوز تأخير الصلاة على وقتها بأي حال كان، إلا لمن فقد عقله، أو نسيها، أو نام عنها؛ ففي صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها". ومن فرا��ض الصلاة القيام في الفريضة وتكبيرة الإحرام والقيام لها، وقراءة الفاتحة والقيام لها، وهذا القيام مع القدرة والاستطاعة، وإلا توكأ على عصا، أو استند على جدار، أو جلس على كرسي، أو جلس على الأرض؛ ولا ينتقل إلى الحالة الثانية إلا إذا عجز عن الأولى . فعن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صل قائما، فإن لم تستطع، فقاعدا، فإن لم تستطع، فعلى جنب". رواه البخاري وقال صاحب أسهل المسالك: وهو يتحدث عن فرائض الصلاة، مشيرا إلى تكبيرة الإحرام والفاتحة: ثم قيام فيهما إن تستطع ثم استناد أو جلوس فاضطجع. ومن شرع في الصلاة ناويا مكبرا، دون أن يرفع ��ديه، فصلاته صحيحة، لأن رفع اليدين مستحب فقط . ومن شرع في صلاة الفريضة بدون إقامة الصلاة، يواصل وصلاته صحيحة؛ ولا يعود من فرض إلى سنة. وليس على المرأة إقامة للصلاة، وإن أقامت سرا، استحب لها. ولا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، ومن عجز عن حفظ قراءة الفاتحة في الصلاة، يقرؤها ولو من مصحف، أو لوح، أو نحوه، فإن عجز يكتفي بذكر الله، فيقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله. قال رسول الله ( للمسيء في صلاته:" فإن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا، فاحمد الله، وكبره وهلله". أخرجه الترمذي، وأبو داود، وصححه الألباني، في صحيح الجامع. ويجوز لأي مسلم يحسن الصلاة، أن يؤم غيره من المصلين، والقاعدة: أن إمامة المفضول للفاضل جائزة، وقد ثبت أن رسول الله ( صلى خلف أبي بكر (. إذن، فمن صحت صلاته لنفسه، صحت صلاة الناس خلفه. إلا أن المقدم في الإمامة، أكثر الناس قرآنا، وأكثرهم فقها وعلما. ويجوز الالتفات في الصلاة للضرورة، إذا كان بالرأس فقط،، لا بكامل الجسم، فقد روى أبو داود من حديث سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قال: ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ - يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ - فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ( يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْب ) قَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إِلَى الشِّعْبِ مِنْ اللَّيْلِ يَحْرُسُ. صححه الألباني، في صحيح أبي دود. ويجوز المرور بين يدي المصلي لمن كان مضطرا، فلا يقطع الصلاة شيء، فقد ذهب الجمهور: إلى أن الصلاة لا يبطلها المرور أمام المصلي، سواء كان المار رجلاً، أو امرأة، أو حيواناً. والديل، ما رواه ابن حجر العسقلاني من حديث أنس بن مالك:"لا يقطع الصلاة شيء". وحرم المصلي موقع سجوده لا أكثر، أي: حوالي ثلاثة أذرع . ويجوز قتل الحية والعقرب، وكل ما يضر الإنسان: فعن أبي هريرة ( أن النبي ( وسلم قال: (اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب) رواه أحمد وأصحاب السنن. ويجوز المشي القليل لسد فرجة، أو طلب سترة، أو فتح باب، أو حمل صبي، أو إبعاده عن الخطر، وكان هذا في اتجاه القبلة، والأدلة عن هذا ثابتة في كتب السنة. ويجوز للمأموم مفارقة الإمام، والإتمام منفرد، لسبب طارئ، كمرض، أو فوات رفقة، أو خوف على ولد، أو مال ؛ ففي صحيح مسلم من حديث معاذ ض: اعتزل رجل من القوم فصلى، فقيل: نافقت يا فلان؟ فقال: ما نافقت، فأتى رسول الله ( فقال: إن معاذاً يصلي معك ثم يرجع فيؤمنا يا رسول الله، وإنما نحن أصحاب نواضح؛ (النواضح: الإبل التي يستقى عليها) ونعمل بأيدينا، وإنه جاء يؤمنا فقرأ بسورة البقرة. فقال: "يا معاذ، أفتان أنت؟ أفتان أنت؟ اقرأ بكذا، اقرأ بكذا" قال أبو الزبير: بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و(الليل إذا يغشى). هذا لفظ أبي داود. فكون النب�� -( غضب على معاذ وأنكر عليه الإطالة، ولم ينكر على الرجل، ولم يأمره بإعادة الصلاة، دليل على أن مفارقة الإمام بهذا العذر جائزة. يجوز تخفيف الصلاة بالتجوز فيها، خوفا على صبي يبكي، أو طعام سيحترق، أو رد دابة ستهرب، الخ.. ففي صحيح البخاري من حديث أبي قتادة، عن النبي ( قال : "إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي، كراهية أن أشق على أمه". ويجوز التسبيح للتنبيه، أو الجهر ببعض الفاض القرآن المتلبس بها لإفهام أحد في أمر ما، فعن سهل بن سعد الساعدي (عن النبي (: "من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، إنما التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال." رو��ه أحمد وأبو داود والنسائي. وفي الخلاصة الفقهية للسادة المالكية للعروي بتصرف، وهو يذكر جائزات الصلاة ولا تبطل بها: (1) الْإِنْصَات الْقَلِيل لمن أخبرهُ، أَو أخبر عَنهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاة، فان طَال الْإِنْصَات، بطلت. 2) وَقتل عقرب قصدته. 3) وَالْإِشَارَة بعضو لحَاجَة طرأت عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاة. 4) وَالْإِشَارَة لرد السَّلَام، على من سلم عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي، وَالرَّاجِح أَن الْإِشَارَة لرد السَّلَام وَاجِب؛ وَتبطل إِن رد السَّلَام بالْقَوْل. 5) والأنين لأجل وجع، والبكاء خشوعا لله، فَإِن لم يكن الأنين للوجع، وَلم يكن الْبكاء للخشوع، فهما كَالْكَلَامِ، فَيبْطل الصَّلَاة عمدا، وَلَو قل، وسهوا إِن كثر.) 6 والتنحنح لغير حَاجَة. 7 ومشي الْمُصَلِّي صفّين، أَو ثَلَاثَة، لسترة يقرب إِلَيْهَا، ليستتر بهَا، خوفًا من الْمُرُور بَين يَدَيْهِ، أَو لدفع مار بَين يَدَيْهِ، بِنَاء على أَنه يسْتَحق أَكثر من مَحل رُكُوعه وَسُجُوده، وَإِلَّا فَلَا يمشي إِلَيْهِ لتيسر دَفعه وَهُوَ فِي مَكَانَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَشْي صفّين أَو ثَلَاثَة، لأجل ذهَاب دَابَّة ليردها، أَو لامساك رسنها، فان بَعدت قطع صلَاته وطلبها، وَلأَجل فُرْجَة فِي صف. 8 وَإِصْلَاح رِدَاء سقط من فَوق كَتفيهِ، فتناوله وَوَضعه عَلَيهِمَا، وَلَو طأطأ رَأسه لأَخذه من الأَرْض، أَو إصْلَاح ستْرَة سَقَطت، وَلَو انحط لإصلاحها. 9 وسد فَمه بِيَدِهِ للتثاؤب. 10والنفث بِثَوْب أَو غَيره. 11الإشارة َقصد تفهيم أحد أمرا من الْأُمُور، بِذكر من قُرْآن، أَو غَيره، كالتسبيح ليفهم غَيره أَنه فِي صَلَاة. انتهى. ويجوز للمصلي: إغلاق الراديو، أو التلفاز، أو الهاتف النقال، ولو أخرجه من جيبه ونظر فيه. ويجوز الفتح على الإمام إذا أخطأ في قراءته، والتسبيح له إذا أخطأ في أركان الصلاة، والرد عليه، ولو بالكلام إذا لزم الأمر. وتجوز الصلاة بالأحذية والنعال، إذا كانت طاهرة، وخارج المساجد المفروشة، وفي هذا راحة وتيسير للعمال، والمسافرين، والحراس ورجال الأمن الذين هم في الخدمة. ففي المعجم الكبير للطبراني بسند صحيح، من حديث شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا في نعالكم، ولا تشبهوا باليهود". وفي سنن أبي داود وصحيح الجامع من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر: فإن رأى في نعليه قذرا، أو أذى فليمسحه وليصل فيهما". وما يعتري المصلي من وساوس وأفكار وسرحان يخرج به أحيانا عن الصلاة فهو عفو، قال الله عز وجل: "وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا." الأحزاب 6. وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم". وممَّا علَّقه البخاري في كتاب الصلاة من صحيحه، تعليقًا مجزومًا به، باب تفكُّر الرجل الشيء في الصلاة، قال: وقال عمر: "إنِّي لأجهِّز جيشي، وأنا في الصلاة". القصر والجمع في الصلاة. ومن الرخص الشرعية في الصلاة: التقصير،أي: قصر الصلاة الرباعية إلى النصف، بشرط السفر الذي يصل حده الأدنى ثمانين كلم تقريبا، ذهابا، أو إيابا، بشرط الشروع فيه، وترك منازل البلد، وهو سنة في حق المسافر عند أكثر أهل العلم؛ قال الله عز وجل:"وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة". النساء101. وفي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال : "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته". وأما الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، تقديما، أو تأخيرا، فهو رخصة. كما يجوز الجمع للمشقة حتى للمقيم، كالمرض، والعجز، وظروف العمل، وللعروس عند زفافها. ففي صحيح مسلم عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا بالمدينة، في غير خوف، ولا سفر." قال أبو الزبير: فسألت سعيدا، لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته. ومن كان سفره دائما، فحكمه حكم المسافر، ولو بقي شهورا، أو أعواما: كربابنة السفن والطائرات، وسائقي الشاحنات والحافلات، ومن في حكمهم . وكذلك الحال لمن كان سفره معلق بقضاء مصلحة معينة ويعود. فقد ثبت عن النبي ( أنه أقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة؛ وأقام بتبوك عشرين يوماً وهو يصلي بأصحابه صلاة قصر، لكونه لم يجمع نية الإقامة، بل كان على نية السفر إذا قضيت حاجته. والذي عليه أكثر أهل العلم، أن المسافر إذا نوى المكث في بلد أربعة أيام فأكثر، يعتبر في حكم المقيم. السهو في ��لصلاة من استنكحه السهو، وبات لا يفارقه في أغلب الصلوات، فليبن على شكه، ولا يسجد لسهوه المحتمل،ولو وقع فعلا؛ وسبق لي أن ذكرت هذا في: رخص النية، فتوى الشيخ عليش، حول ضابط من استنكحه الشك، وحكمه. ومن سها في صلاته الثلاثية أو الرباعية، وسلم من ركعتين ولم يطل الوقت، يعود لمصلاه، ويكمل ما بقي من صلاته، ثم يسجد سجدتين بعد السلام. وقد ينسى الساهي في صلاته فلا يسجد للسهو، ولا يتذكر إلا بعد حين قد يطول أو يقصر، فإن كان السجود قبل السلام (القبلي) يستدركه مع قرب السلام ولو قام من مصلاه أو تكلم، وإن كان السهو مترتبا عن الزيادة،(البعدي) يستدركه متى ذكره، ولو طال الوقت س��ين، قال الشيخ ابن عاشر رحمه الله: واستدرك القبلي مع قرب السلام واستدرك البعدي ولو من بعد عام. ولا يجزي سجود السهو على من ترك واجبا، فلا بد من الإتيان بع أولا، ولا لمن ترك سنة خفيفة، أو مستحبا، مثل: لفظ الله أكبر، أو سمع الله لمن حمده مرة واحدة. أو رفع يديه في تكبيرة الإحرام. قال صاحب أسهل المسالك: ولا سجود مجزئ عما وجب ولا خفيف سنة أو مستحب. ولا يسجد المأموم لسهو نزل به حال اقتدائه بالإمام: كمن تكلم ساهيا، أو أكل، أو شرب، فالإمام يحمله إن كان سنة، فإن كان ركنا، فلا يحمل عنه إلا قراءة الفاتحة؛ قال صاحب أسهل المسالك: وكل ما سهاه حال القدوة يحمله إمامه من ��نة. رخص التخلف عن صلا ة الجمعة والجماعة. رغم أن صلاة الجمعة والجماعة من أعظم العبادات، وأوكد الواجبات التي ينبغي للمسلم أن يحافظ عليهما، ولا يتهاون بشأنهما، لكن قد تتأتى أسباب وأعذار تبيح له التخلف عنهما. وهذا من تيسير الله ( وتخفيفه على عباده، وهو القائل:" يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا"ومن هذه الأسباب: أن الجمعة لا تجب على: حاج، ولا على مسافر، ولا امرأة، لقول رسول الله ص: "الجمعة واجبة، إلا على: امرأة، أو صبي، أو مريض، أو عبد أو مسافر". رواه الطبراني بهذا اللفظ، وصححه الألباني في إرواء الغليل، من حديث تميم الداري 55/3 الخوف، أجمع الفقهاء على أنه من أعذار ترك الجمعة والجماعة، سواء كان الخوف على النفس، أو الخوف على المال، أو الخوف على الأهل، وأيضاً قالوا: سواء خاف على نفسه، أو خاف على نفس غيره، أو خاف على ماله، أو مال غيره، أو خاف على أهله، أو أهل غيره. المرض، وهو الذي يجعل صاحبه لا يستطيع الذهاب إلى المسجد. ،قال ابن المنذر: لا أعلم خلافا بين أهل العلم، أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض، واستدلوا بما ورد أن النبي - (- قال: "من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى". رواه الحاكم في المستدرك/من حديث ابن عباس. وذهب أهل العلم إلى أن: الممرض يلح�� بالمريض في التخلف عن الجمعة والجماعات. قال أهل العلم: ويجوز لمن نزل به برد قارس أو حر شديد يضره، أن يصلي في بيته ويترك الجماعة في المسجد، والأصل في ذلك ما روى نافع، قال: أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان، ثم قال: صلوا في رحالكم، فأخبرنا: (أن رسول الله ( كان يأمر مؤذنا يؤذن، ثم يقول على إثره: ألا صلوا في الرحال. في الليلة الباردة، أو المطيرة في السفر) متفق عليه. وبوب أبو داود على الحديث بقوله: (باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة). وقال ابن قدامة في المغني: (ويعذر في ترك الجماعة بالريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة). ومنها حضور الطعام لمن كان جائعا، ومدافعة ا��أخبثين، أي: البول والغائط، ففي صحيح مسلم: "باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين." وروت عائشة ( قالت: سمعت رسول الله ( يقول:"لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان" مسلم. وجملة ذلك يقول العلماء: أنه إذا حضر العشاء في وقت الصلاة، فالمستحب أن يبدأ بالعشاء قبل الصلاة، ليكون أفرغ لقلبه، وأحضر لباله، ولا يستحب أن يعجل عن عشائه، أو غدائه. ومن أهل الأعذار الذين يجوز لهم التخلف عن الجمعة والجماعة: رجال الأمن: كالشرطة، والجيش، والجمارك، الذين هم في الخدمة، ومن كانوا في حالهم من: الحراس، والموظفين، والأطباء، والممرضين، وغيرهم. والأعذار في هذا الباب كثيرة ومتعددة، إلا أن على المسلم الحريص على دينه أن لا يقصدها، أو يترصدها، وإنما يستفيد منها إذا دعت الحاجة إليها. قال صاحب أسهل المسالك، مخبرا عن الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجمعة: وعذرها المبيح للتخلف عري وتمريض قريب مشرف وكونه ينظر شأن المحتضر وكثرة الوحل وشدة المطر أو مرضه أو ضربه مظلوما أو حبسه بالظلم أو عديما أو هرمه أو أكله كالثوم أو من يضر الناس كالمجذوم ومثله الأعمى الذي لا يهتدي بنفسه أو لم يجد من قائد. صلاة النوافل يجوز أداء صلاة النوافل من جلوس، ولو كان العبد صحيحا، وله نصف الأجر بالنسبة لمن أداها من قيام. فعن عمران بن حصين قال سألت رسول الله ص عن صلاة الرجل قاعداً، فقال: "إن صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد". رواه البخاري. والمسافر تسقط عنه النوافل، إلا سنة الفجر، والوتر، وتحية المسجد. ففي صحيح مسلم، من حديث حفص بن عاصم عن عبد الله بن عمر (، وكان في سفر، أنه رأى ناسا قياما، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يُسبِّحون. {أي يصلون} قال: لو كنت مسبِّحـاً لأتممتُ صلاتي. يا ابن أخي إني صحبت رسول الله ( في السفر فلم يَزِد على ركعتين، حتى قبضه الله .وذكر مثله عن أبي بكر، وعمر، وعثمان. ويجوز للراكب أداء صلاة النافلة، كالفجر، والوتر، حيثما اتجهت مركبته، ولا يشترط في حقه استقبال القبلة، ولو من غير عذر؛ لما رواه البخاري ومسلم عن عامر بن ربيعة قال: "رأيت رسول الله ص يصلي على راحلته حيث اتجهت به". وزاد البخاري: "يومئ" أي يشير برأسه إلى الركوع والسجود. ومن مرض أو سافر يكتب الله له ثواب ما كان يعمل وهو صحيح مقيم. فقد روى البخاري عن أبي موسى الأشعري ( أن النبي ( قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا". ومن صلى الصبح مع الجماعة، ولم يصل سنة الفجر، فليصلها بعد أذكار الصلاة، وإن أخرها إلى ما بعد طلوع الشمس فهو أحسن. ولا تسقط سنة الفجر إلا عند الزوال. ومن أتى المسجد بعد أذان الفجر، وقبل إقامة الصلاة، يصلي ركعتين بنية سنة الفجر، بالفاتحة فقط إذا كان يخشى إقامة الصلاة، فهي تكفيه عن تحية المسجد. الحلقة السابعة من رخص العبادات الزكاة شروط زكاة المال ثلاثة: الملكية، والنصاب، ودوران الحول القمري . وتقويم السلع يكون بسعر البيع، أي بسعر اليوم، والسلع الميتة تقوم بقيمة التخلص منها إن بقيت لها قيمة، وإلا فلا تقوم. وبعد جمع المال تخصم منه الديون، ويقسم الباقي على أربعين، يأخذ منه صاحب المال تسع وثلاثين جزءا، والجزء الأربعون يعطى كزكاة لمستحقيه. ولا زكاة على الوسائل والمعدات: كالسيارات المعدة للحاجة، وسيارات العمل، ��المحلات المستعملة للخدمة، ولا على الأنعام غير السائمة، ولا على الممتلكات التي لم ينوها صاحبها للربح والتجارة، ولا على الدين الذي لم يقبضه صاحبه، ولو بقي سنين، فإذا قبضه يزكيه لعام واحد، ولا زكاة على حلي النساء المعدة للزينة، ولا على الخضر والفواكه،عند أكثر أهل العلم. ويجوز تقديم الزكاة، أي تسبيقها، لمصلحة الفقير، ولو لسنة أو سنتين، وأصله ما ثبت في رواية لمسلم عن أبي الزناد، قوله (: "وأما العباس، فهي علي ومثلها معها" قال أبو عبيد في رواية -هي علي ومثلها- يقال: كان تسلف منه صدقة عامين، ذلك العام والذي قبله . ويجوز إعطاء الزكاة للأقارب، الذين هم ليسوا تحت نفقة ��لمزكي، كالإخوة، والأخوات، والأبناء والبنات، إذا كانوا فقراء، بل هم أولى من غيرهم؛ ففي سنن الترمذي من حديث سلمان بن عامر، أن رسول الله ( قال:"الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة، وصلة." زكاة الفطر يمكن للفقير أن يخرج زكاة فطره، ويأخذ الزكوات من غيره. فيأكل، أو يبيع، أو يخرج منها زكاة فطره. يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر، والكفارات التي فيها الإطعام، خلافا لما عليه الجمهور، قال بهذا جمع من علماء السلف والخلف، وعلى رأسهم، أبو حنيفة، والبخاري والإمام النووي. ومن الخلف: د يوسف القرضاوي، ومصطفى الزرقا، وأحمد الغماري، وغيرهم. والظاهر، أن القيم�� أصبحت جد مفيدة للفقير في هذا الزمن، كما أن في إخراج القيمة يسر، وتسهيل للآخذ والمعطي على السواء الحلقة الثامنة. رخص الصوم فرض الله ( على المسلمين صيام شهر رمضان، ومن رحمته بعباده خفف على الذين لا يطيقون صيامه: كالمريض، والمسافر، والحائض، والنفساء، والحامل والمرضع؛ قال الله (: "وعلى الذي يطيقونه فدية طعام مساكين" البقرة184. وقال: "ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".البقرة 185. فإن أعرض المريض، والعاجز، ومن في حكمهما، عن الرخصة الشرعية، ولحقه هلاك بسبب صيامه، فقد جنى على نفسه، وبدل أن يؤجر، فإن ذنبه عند الله عظيم. ففي صحيح سنن النسائي بسند حسن: عن شيخ من قشير عن عمه، أنه ذهب في إبل له فانتهى إلى النبي ( وهو يأكل، أو قال يطعم، فقال: ادن فكل، أو قال: ادن فاطعم، فقلت: إني صائم، فقال: "إن الله ( وضع عن المسافر شطر الصلاة والصيام، وعن الحامل والمرضع". ومعنى قوله تعالى: وعلى الذين يطيقونه، أي: لا يطيقون الصيام إلا بمشقة وعسر، أو لا يطيقونه بالمرة، فهولاء لهم أن يفدوا ولا يقضوا. وقال بعض أهل العلم: أن المرضع والحامل، إذا كانت أغلب السنة بين حمل ورضاع، بحيث يشق عليها الصيام، تفدي ولا قضاء عليها، وبه قال ابن عباس وابن عمر، وهذا الرأي جد وجيه، وهو ما يتماشى مع سماحة الإسلام ويسر الش��يعة؛ وهب أن هذه المرأة أنجبت ثمانية من المواليد، وبقيت لمدة قاربت العشرين سنة بين حمل ورضاع، وعمل بين البيت والعناية بأولادها، فكيف يتسنى لها قضاء كل ما فاتها من صيام. والإفطار في حق الصائم المسافر رخصة وتيسير، ولو صام لكان أحسن، إذا كان الصيام لا يجهده ولا يتعبه، لقول الله (:" وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون". البقرة 184 والنية في بداية الصيام واجبة وقبل طلوع الفجر، لما رواه الترمذي في سننه من حديث حفصة عن النبي ( قال:"من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" وتكفي النية في البداية، إذا كان الصوم واجبا ومتتابعا: كصيام رمضان، أو نذر، أو كفارة، فإذا انقطع الصي��م لسبب من الأسباب، تجدد النية. أما صيام النافلة فلا يشترط فيه تبييت النية، فلو قرر المسلم الصيام قبل منتصف النهار ولم يكن قد أفطر، جاز ذلك عند الجمهور؛ واستدل هؤلاء بحديث عائشة ( في صحيح مسلم والسنن قالت: دخل عليّ رسول الله ( ذات يوم فقال: "هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا. قال: فإني إذن صائم". ثم أتانا يوماً آخر فقلنا يا رسول الله: أهدي لنا حيس، فقال: "أرينيه، فلقد أصبحت صائماً" فأكل. والذي لم يبلغ الحلم، لا يجب عليه الصوم، وقد تتأخر سن البلوغ عند ضعيف البنية، خصوصا الذكر، حتى إلى ثمانية عشرة عاما، وهو المعلوم عند المالكية والحنفية. قال الإمام بن عاشر رحمه الله : وكل تكلي�� بشرط العقل مع البلوغ بدم أو حمل أو بمني أو بإنبات الشعر أو بثماني عشرة حولا ظهر. وما دامت المشقة تجلب التيسير، فقد رخص الشرع للصائم في الإفطار إذا وُجد له عذر، ومن الأعذار التي تبيح للصائم الفطر في رمضان: المرض، فالمريض الذي يشق عليه الصيام، رخص له في الفطر، وعليه القضاء. السفر، الذي يبيح لصاحبه قصر الصلاة الرباعية جاز له الفطر، قال الله (:" فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ." البقرة184 ويجوز للشيخ الكبير، والمرأة العجوز اللذان لا يستطيعان الصيام أن يفطرا، ويطعمان عن كل يوم مسكيناً. لقول الله (: "وعلى الذين ��طيقونه فدية طعام مساكين"البقرة 184 . ومثلهما أصحاب الأمراض المزمنة، كالفشل الكلوي، ومرضى السكري والضغط الدموي، لهم أن يفطروا، ويفدوا عن كل يوم إطعام مسكين. ومن أكل أو شرب ناسياً، يتم صيامه، وليس عليه قضاءٌ ولا كفارة، لقول النبي (: "من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه." البخاري ومسلم. من حديث أبي هريرة. وفي صحيح ابن خزيمة، من حديث أبي هريرة ( قال: قال رسول (: "مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْر رَمَضَان نَاسِيًا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلا كَفَّارَة." حسنه الألباني. في صحيح ابن خزيمة . ومن شق عليه الصيام، بسبب الجوع أو العطش، فخاف على نفسه الهلاك، فله ��ن يفطر، بل يجب عليه، حتى ولو كان صحيحاً ومقيماً، لقول الله (: "وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إن الله كان بكم رحيما." النساء 29 ومن ذرعه القيء -أي غلبه- لم يبطل صومه، لقوله (: "من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فليقض." رواه أحمد وغيره بسند صحيح. ومثله القلس وما ينتج عنه، من حموضة تزعج الصائم، لا يفسد الصوم، وما رجع منه للمعدة غلبة، فهو عفو. قال صاحب المنتقى شرح الموطأ 2/65: "وروي عَنْ مَالِكٍ أنه قال: مَنْ قَلَسَ فَوَصَلَ الْقَلْسُ إلَى فِيهِ فَرَدَّهُ، لا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَجَعَ مَالِكٌ, وَقَالَ: إنْ خَرَجَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ شَاءَ طَرَحَهُ, ثُمَّ رَدَّهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ." بقايا الطعام في الفم، وبين الأسنان، إذا أحس بها الصائم نهارا، لا تفسد الصوم. ويجوز للصائم أن يتبرد، ويتمضمض، ويستنشق، ولا يبالغ، لقوله (: "وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً." رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. ويجوز تأخير قضاء الصيام من رمضان إلى شعبان، لمن كان عليه دين، فيقضي ولا شيء عليه، ومن أخره إلى ما بعد رمضان الثاني، فعليه القضاء والفدية. وقد ثبت أن أم المؤمنين عائشة ض كانت تفعله. ففي الصحيحين من حديث عَائِشَةَ ض قالت: ( كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَا��َ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ الله ص. ويجوز تأخير الاغتسال للجنب حتى يصبح، وصومه صحيح. ومن احتلم أثناء النهار، فليغتسل وصومه صحيح. ومما يجوز فعله ولا يفسد الصوم: أخذ عينة من الدم، واستعمال الحقنة العلاجية في الوريد، أو العضلة، أو تحت الجلد. وكذلك التحاميل، أو الشمعة التي توضع في الفرج، أو الدبر، للعلاج . وتقبيل الزوج لزوجته والعكس، لمن يملك نفسه جائز، ولا يفسد الصوم . فعن عائشة ض قالت: "أن النبي ص كان يقبل وهو صائم، وكان أملككم لإربه" متفق عليه. ويجوز للطاهي أن يتذوق الطعام عند إعداده وتحضيره، وعليه أن يحترز من بلعه. وما يدخل في جوف الصائم غلبة: كذباب، أو غبار طريق، أو جبس، أو دقيق، أو بخار طعام، فهو عفو، والصوم صحيح بإذن الله تعالى. قال الشيخ محمد البشار في كتابه أسهل المسالك على مذهب الإمام مالك : ولا قضاء في غالب من مذي أو قيء أو من بلغم أو مني ولا ذباب أو غبرة الطريق أو صانع الجبس أو الدقيق . ولا حرج في قلع الضرس، وما يترتب عليه من بنج، وسيلان دم، إذا لم يمكن التحرز منه، فلا يفسد الصوم. ويجوز للصائم استعمال العطور، والطيب، والصابون المعطر في الاستحمام، وغسل الشعر، كما يجوز غسل الأسنان بالمعجون، لمن يحترز من تسربه للمعدة. والمفطر بسبب عذر شرعي: كا��مسافر إذا قدم من سفره، والمريض إذا شفي من مرضه، والمرأة إذا طهرت من حيضها أو نفاسها، فهم باقون على إفطارهم، ولا يلزمهم الإمساك بقية النهار، هذا وهو المشهور عند المالكية والشافعية؛ وروي عن عبد الله بن مسعود ( أنه قال:"من أكل أول النهار فليأكل آخره". رخص الحج لا يجب الحج إلا على المستطيع، مرة واحدة في العمر، والاستطاعة لا تتحقق إلا بالصحة، والمال، وأمن الطريق؛ يضاف لهذا عدم المانع، كظروف العمل، ونظام القرعة الجاري به العمل بين المواطنين في الكثير من البلاد الإسلامية. ويجوز الاستدانة من أجل الحج، إذا كان لديه ما يسدد به دينه: كبيع عقار غير ضروري، أو بيع سيارة، أو نحو هذا. من أحرم بالحج ولم يعين نسكه، أو كان يجهل أنواع النسك، يعني: تمتع، وقران، وإفراد؛ صح حجه، ولا شيء عليه. إلا أن الحاج الذي لم يسق الهدي، لو دخل بنية التمتع بالعمرة، لكان أيسر له وأفضل، وهو ما تمناه رسول الله (، وأمر به في حجه مع المسلمين، حيث قال: "لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت، لم أسق الهدي، ولجعلتها عمرة، فمن كان منكم معه هدي، فليحل وليجعلها عمرة." رواه مسلم من حديث جابر (. يجوز الإحرام من جدة، لمن جاءها عن طريق الجو، أو البحر، لأن طريقه ليس فيه ميقات. قال بهذا مجموعة من أهل العلم منهم: الشيخ أحمد حماني، والشيخ الطاهر بن عاشور، والشيخ عبد الله كنون، والشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي؛ وعبارته: "جدة يمر بخط المحاذاة بين الجحفة ويلملم دونها، فيجزئ الإحرام منها، ولا يلزم به شيء." الترخيص لمن اشترط عند الإحرام أن يحل ولا شيء عليه. إذا اشترط الحاج والمعتمر، عند إحرامه أن يحل متى حصل له عارض يمنعه من الحج أو العمرة، من مرض، أو غيره، بأن قال عند إحرامه: ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني )، فهنا له التحلل من إحرامه متى حصل له ذلك، ولا شيء عليه. ودليل ذلك حديث ضباعة بنت الزبير، حيث جاءت إلى رسول الله ( وقالت: إني أريد الحج وأنا وجعه، فقال لها: "حجي واشترطي، قولي: اللهم محلي حيث حبستني." رواه البخاري من حديث عائش��( . فالمشترط يستفيد بالشرط أمرين: التحلل، وسقوط الدم عنه. يجوز للمحرم الذي لا يجد إزاراً، أن يلبس السراويل، وإذا لم يجد نعلين، جاز له أن يلبس الخفين. والقاعدة: أن الضرورات تبيح المحضورات. يجوز للمحرم، أن يغتسل للتبريد، ويغسل جسده ورأسه، ويحكه برفق؛ ولو سقط منه بعض الشعر دون قصد، فلا حرج عليه. يجوز للمحرم أن يغسل ثيابه التي أحرم فيها من وسخ ونحوه، ويجوز له إبدالها بغيرها إذا كانت الثياب الثانية مما يجوز للمحرم لبسها. يجوز عقد الإزار، أو وشد الحزام، لما يحفظ المال على الوسط ، ويجوز حمل الساعة، والنظارة، وتعليق محفظة الوثائق. يجوز الوقوف بعرفة، لمن كان مار��، أو نائما، أو مغميا عليه، إذا وجدت ضرورة لذلك : كجهل ، أو نسيان ، أو مرض. يجوز لمن لم يتمكن من المبيت بمزدلفة، النزول فيها بقدر حط الرحال، وأداء صلاتي المغرب والعشاء، جمع تأخير وقصر، فإن لم يستطع النزول، ومرت به الحافلة إلى منى مباشرة، فلا حرج عليه. ويجوز تقديم الضعفة، وأصحاب الأعذار إلى منى، بعد منتصف الليل لرمي جمرة العقبة. لو خالف الحاج الترتيب في أركان الحج ،فطاف قبل ان يرمي، أو حلق قبل أن ينحر جاز ولا حرج عليه، والأصل في هذا ما ثبت في الصحيحين، من حديث عبد الله بن عمرو ( أن رسول الله ( وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال : لم أشعر، فحلقت ��بل أن أذبح، فقال: (اذبح ولا حرج)، فجاء آخر، فقال: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي، قال: (ارمِ ولا حرج) فما سئل النبي ( عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: (افعل ولا حرج). رواه البخاري ومسلم. يجوز أداء الحج على الغير، بسبب مرض، أو عجز، أو وفاة، فيوكل غيره أن يحج عليه، شرط أن يكون الوكيل قد سبق له الحج عن نفسه. كما تجوز الإنابة في أداء بعض الواجبات، كالرمي، أو النحر لمن عجز عنه، لمرض، أو خوف زحام، يعود عليه بالضرر والأذى، ولم يستطع الرمي في وقت آخر. من فاته واجب من واجبات الحج: كالإحرام من الميقات، أو نحر الهدي، أو الحلق، أو الرمي، أو المبيت بمنى، بسبب عجز، أو جهل، أو نسيان، و��م يستطع أن يتداركه حتى عاد لبلده، فعليه فدية، شاة تذبح في الحرم، وله أن يبعث بها أو بقيمتها، لمن ينوب عليه بذبحها. لحديث ابن عباس ( (من ترك شيئاً من نسك أو نسيه فليهرق دماً). أخرجه مالك في الموطأ؛ كتاب الحج. ويجوز ترك واجب من واجبات الإحرام: كالرمي، أو المبيت بمنى، لمن خاف على نفسه، أو من معه، الضرر، بسبب مرض، أو زحام، أو تدافع، ويفدي بذبح شاة. ومن عجز عن الفدية، فليصم عشرة أيام، ولو في بلده، قياسا على هدي التمتع والقران، فإن عجز عن الفدية والصوم، فهو معذور ولا شيء عليه. يجوز للمضطر بسبب مرض أو عجز، ارتكاب محضور من محضورات الإحرام: كحلق شعره، أو غطاء رأسه، أو ارتد��ء ملابسه، أو حذائه، وعليه فدية من، صيام، أو صدقة، أو نسك (ذبح شاة)، قال الله (: "فمن كان منكم مريضا، أو به أذى من رأسه، ففدية من صيام، أو صدقة، أو نسك". البقرة 196. وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، أن رسول الله ( مر به زمن الحديبية فقال "قد آذاك هوام رأسك؟ قال: نعم .فقال النبي ( : احلق، ثم اذبح شاة نسكا، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ثلاثة آصع من تمر، على ستة مساكين." متفق عليه. وأجاز أهل العلم الرمي ليلاً، إذا دعت الحاجة إلى ذلك: كنسيان أو خوف زحام وتدافع، أو عدم التمكن من الوصول إلى المرمى. إذا تأخر الحاج المتعجل وغربت عليه الشمس بمنى، بسبب الزحام، وما في حكمه ��لا شيء عليه. وإذا نزل مكة أيام منى، ورجع بعد الغروب، وقضى معظم الليل بمنى، فلا شيء عليه. يجوز للعاجز والمريض ومن حبسه العذر، أن يصلي في محل إقامته، وله أجر المائة ألف صلاة، في كل صلاة، كمن يصلي في المسجد الحرام؛ لأن مكة كلها حرم. وهذا قول الجمهور، من: الحنفية، والمالكية، والشافعية، واختاره ابن القيم رحمه الله، وبه أفتت اللجنة الدائمة، والشيخ ابن باز رحمه الله . يجوز للحائض والنفساء، أداء طواف الإفاضة قبل الطهر، إذا كانت هناك ضرورة قاهرة تستدعي مغادرتهما مكة ؛ فتغتسل الحائض، أو النفساء، وتتحفظ ، وتطوف، وتسعى ولا حرج عليها. يجوز للحائض، والنفساء، ومن خاف فوات الرفقة، مغادرة مكة دون طواف الوداع ولا شيء عليهم، لقول ابن عباس (:"أْمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض" البخاري. كتاب الحج. يجوز للمرأة أن تذهب إلى الحج إذا فقدت المحرم، ووجدت رفقة مأمونة، وهو قول مرجوح، وخلاف الأولى، واستدلوا بحديث عدي بن حاتم الطائي، وفيه: أن النبي ( قال له: "هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف الكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله". رواه البخاري. يجوز للمرأة أن تخرج لحج الفريضة، ولو بغير إذن زوجها إذا منعها، ولا يجوز له أن يمنعها من حج الفريضة، فإن منعها فهو آثم، أما إذا كان الحج نافلة، فإنها لا تخرج إلا بإذن زوجها. قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (5/35: وليس للرجل منع امرأته من حجة الإسلام. وبهذا قال: النخعي، وإسحاق, وأبو ثور, وأصحاب الرأي, وهو الصحيح من قولي الشافعي، لأنه فرض, فلم يكن له منعها منه, كصوم رمضان, والصلوات الخمس؛ ويستحب أن تستأذنه في ذلك. نص عليه أحمد. فإن أذن وإلا خرجت بغير إذنه، وأما حج التطوع, فله منعها منه. إذا خرجت المرأة إلى الحج فتوفي زوجها وهي في الطريق؛ فإن كانت قريبة من بلدها رجعت لتعتد في منزلها، وإن كانت قد بعدت عن بلدها، فإنها تمضي في سفرها. المغني5 . لابن قدامة. وأنصح الحاج باختيار الأ��هل، والأيسر، ولو كان يرى من نفسه قوة وقدرة، حتى لا يضر نفسه أو يضر غيره؛ ففي صحيح مسلم من حديث عائشة( ، قالت: "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين، أحدهما أيسر من الآخر، إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما، كان أبعد الناس منه" والحاج الذي يطوف أو يسعى بأحد غيره عاجز، فهذا الطواف أو السعي يكفيه عن نفسه، وعن العاجز الذي معه، أي، الحامل والمحمول؛ قال بهذا: جمع من العلماء المعاصرين، وعلى رأسهم: الشيخ ابن باز، وابن جبرين، وعبد الرحمن السعدي؛ وللعلم أن الجمهور على خلافه. صلاة العيد صلاة العيد سنة مؤكدة، فمن أتى متأخرا للمصلى واحتصل على ركعة ��ع الإمام فليأت بركعة ثانية ثم يسلم وإن فاتته الصلاة مع الإمام فلا يجلس حتى يصلي ركعتين بنية صلاة العيد وإن أخرها إلى ما بعد الخطبة فله ذلك. ومن لم يصل صلاة العيد في وقتها، فليقضها على هيئتها، ووقتها من حل النفل للزوال. نقل عن القرافي: أن مذهب الإمام مالك كما في المدونة، أنه يستحب لمن فاتته صلاة العيد مع الإمام، أن يصليها على هيئتها (الذخيرة 2/423 . الأضحية تجوز الأضحية بالضأن الذي بلغ ستة أشهر، والمعز الذي بلغ سنة، والبقر الذي أتم سنتين، لما رواه مسلم عن جابر ( قال: قال رسول الله (: "لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن". والجذع من الضأن ما أتم ستة أشهر، والمسنة من المعز ما أتمت السنة، ومن البقر هي الثنية التي أتمت سنتين. ويجوز الاشتراك في ثمن أضحية البقر التي أتمت سنتين، من اثنين، إلى سبعة من العائلات. ودليل الجواز في الاشتراك واضح، ولا غبار عليه، لِمَا أخرجه الخمسةُ إلاَّ أبا داود من حديث ابن عبَّاسٍ (عنهما قال: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( فِي سَفَرٍ فَحَضَرَ الأَضْحَى فَاشْتَرَكْنَا فِي البَقَرَةِ سَبْعَةً، وَفِي البَعِيرِ عَشَرَةً.» صحَّحه ابن القطَّان في «الوهم والإيهام» ، وصحَّحه الألباني في «المشكاة. ويجوز شراء الأضحية بالتقسيط في دفع الثمن، كما يجوز شراؤها دينا في الذمة، لمن كانت له القدرة على التسديد. وتجوز الأضحية بالكبش الخصي، ومقطوع الذنب، أو الأذن، ومكسور القرن الذي لا يدمي، ومن به ورم الرقبة، المتأتي بسبب أعلاف التسمين. بشرط أن لا تكون هذه العيوب تشوه صورتها، أو تنقص لحمها، وإلا، فلا تجوز. وإذا نفقت الأضحية، أو شردت، أو سرقت، دون تفريط من المضحي، فلا حرج عليه، وهو غير مكلف شرعا بذبح أخرى، إلا إذا تطوع، وكانت لديه المقدرة. ويجوز لمن لم يتمكن من ذبح أضحيته بعد صلاة العيد، أن يذبح في أيام التشريق الثلاثة، إذا طلع الفجر. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث جبير بن مطعم (: أن رسول الله ( قال: "وكل أيام التشريق ذبح". ويجوز لمن لم يتمكن من الذبح بنفسه أن يوكل غيره بالذبح، وإن كان مسافرا أو في بلد غير إسلامي يجوز له أن يوكل غيره بالشراء والذبح والتوزيع في أي بلد إسلامي شاء. والله أعلم. يجوز للمرأة والصبي المميز، أن يذبحا الشاة وغيرها، إذا كانا يحسنان الذبح، ويستحسن أن يوجه الذبيحة إلى القبلة، فينوي، ويسمي الله، قاطعا للحلقوم والودجين بسكين حادة، ولا يرفع يده حتى يتم القطع، فإن نسي البسملة فلا شيء عليه، وإن أخطأ وجعل الغلصمة، أو الجوزة جهة الجسد فلا حرج عليه. جاء في التاج والإكليل في شرح مختصر خليل: وينبغي أن تكون الغلصمة إلى الرأس، فإن لم تكن فلا بأس، ونقل البرزلي عن ابن عرفة أن الفتوى بتونس منذ مائة عام بجواز أكل المغلصمة، وبهذا كان يفتي أشياخنا. الخاتمة إلى هنا أكون قد أنهيت ما قد وفقني الله لكتابته، وجمعه، وترتيبه في هذا المختصر المسمى: "جمع الشتات، من رخص العبادات"، والذي لا أبتغي به إلا وجه الله تعالى أولا وقبل كل شيء، وثانيا تنوير وتبصير المسلم الكريم، بما في دينه من سماحة ويسر في عبادته، فعليه أن يعتز بها، ولا يتحرج من الأخذ بها، ما دام لديه العذر المبيح يقينا لا ضنا، معزز بالدليل الشرعي، ثم الاقتصار على الحاجة، (فالضرورة تزال بقدرها). ولا أدعي بأني صاحب الفضل في مادة هذا المختصر، وإنما الفضل فيه لله ( أولا، ثم لأهل العلم والفقه الذين أفنوا أعمارهم في تنوير الأمة بهذا الزاد العظيم، وما أنا إلا ناقل، وجامع لما سطروه وكتبوه؛ فإن كان لي فضل يذكر تبعا لهم، ففي جمع هذه المادة، في مصنف واحد، بعد ما كانت مبعثرة بين أبواب الفقه هنا وهناك، ثم ترتيبها والبحث عن أدلتها. ولا أرى نفسي قد وفيت بالغرض المطلوب، والمقصد المرغوب؛ إلا أني بادرت بالتنبيه، والتوجيه إلى أهمية الأخذ بالرخص الشرعية في العبادات، لمن هم في حاجة إليها، وفتحت الباب إلى من هم أكثر مني علما وفقها، ليتمموا المشوار، ويصححوا المسار، فإن أصبت فبتوفيق من الله ومرضاته، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان. فالله أسأل أن ينفع به كل من قرأه واطلع عليه، وساهم في طبعه ونشره، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، ويرحم به والدي الكريمين والمسلمين أجمعين. وصلى الله وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. محمد بن البشير بن أحمد بن علي مناعي. الودي...في 25 من نوفمبر 2016. ........................................................................................... المراجع القرآن الكريم صحيح البخاري صحيح مسلم صحيح سنن الترمذي صحيح سنن النسائي صحيح أبي داود صحيح بن خزيمة المستدرك على الصحيحين للحاكم مسند الإمام أحمد موطأ مالك بن أنس صحيح الجامع للألباني المنتقى في شرح الموطأ للباجي المغني لابن قدامة الذخيرة للقرافي التاج والإكليل في شرح مختصر خليل مختصر خليل بن اسحاق فتاوى الشيخ عليش أسهل المسالك في مذهب الإمام مالك لمحمد البشار المرشد المعين لعبد الواحد بن عاشر الخلاصة الفقهية للسادة المالكية الفواكه الدواني للنفراوي فتاوى بن عثيمين تتبع الرخص بين الشرع والواقع. عبد اللطيف بن عبد الله التويجري. الرخص الشرعية، أحكامها وضوابطها، أسامة محد الصلابي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق