الخطابة فن يحتاج إلى مواهب خاصة، وخصائص هامة ليس أولها الصوت القوي المؤثر، والقدرة على الإقناع واستمالة الحضور، والتعبير بالحواسّ مع الكلمات، ومخاطبة العقل والقلب في آن معاً، ومناسبة لهجة الإلقاء للمعاني، وليس آخرها وحدة الموضوع، وموضوعية الطرح، وترابط الأفكار، واستخدام الجمل القصيرة المعبرة، والألفاظ المألوفة .
والخطابة تحتاج أيضاً إلى ثقافة واسعةٍ في أمور الدين والمجتمع، وفهم دقيق لشرائح الناس الذين يترددون على المسجد وطبقاتهم الفكرية، وأحوالهم الاجتماعية، وظروفهم المعيشية، فلا حياة لإعلام لا يعيش مشاكل الجماهير وقضاياها، ولا أثر لخطبة لا تلمس أعماق الناس الوجدانية والفكرية والاجتماعية، فليحذر خطباؤنا من تحويل منابرنا إلى أبراج عاجية تحجبهم عن جمهورهم المسلم، وتبعدهم عن أوجاعه الحقيقية وواقعة المعاش.
ملاحظات ينبغي أن يتجنبها الخطباء
إن الذي يرصد خطب الجمعة التي تقوم في عالمنا الإسلامي تستوقفه أمور عدة نجد من واجبنا أن ننوّه من خلال هذه السطور؛ علّها تجد طريقها إلى من يهمه الأمر حتى تتمّ الاستفادة منها، انطلاقاً منّا في التركيز على ضرورة استثمار هذا المنبر الإعلامي الإسلامي الفاعل، في وقت أصبح فيه الإعلام أخطر وأمضى أسلحة التغيير.. فما هي هذه الأمور والملاحظات ؟
1- عدم التوازن في طرح المواضيع :
إن خطبة الجمعة منبر دعوي هام، ووسيلة ممتازة لتذكير الناس بأمور دينهم وعقيدتهم، ونافذة واسعة لعرض الإسلام بنصاعته كاملة، وتوعية المسلمين بالمرحلة التي يعيشونها، وبالأخطار والتحديات التي تحيط بهم، وحتى يستثمر الخطيب منبر الجمعة الاستثمار الأكمل عليه أن يطرح المواضيع ضمن منهج متوازن شامل يغطي المعاني والأفكار كلها التي يجب على المسلم أن يهتم بها، وعلى الخطيب البارع ألاّ ينسى استغلال المناسبات الراتبة والطارئة ويوظفها لصالح دعوته، ليقوم بتشكيل الرأي العام الإسلامي الموحد تجاه القضايا والأحداث، ووضعه في إطاره الإسلامي الصحيح .
لكن بعض الخطباء لا ينهج في خطبه هذا المنهج المتوازن الشامل، بل على العكس يقع أسيراً لبضعة مواضيع قد تكون هامة وقد لا تكون، ليطلع بها علينا كل أسبوع؛ مما يحدث الملل لدى الجمهور الذي يعاني من تكرار الخطب التي لا جديد فيها، ويؤدي إلى إهدار قيمة المنبر الخطير الذي يمكننا أن نقول من خلاله الكثير .
ومن الخطباء من يخوض في الخطبة الواحدة في عدة مواضيع لا يربط بينها رباط منطقي، ولو أنه وزع هذه المواضيع على عدة خطب وأشبعها بحثاً ودراسة لكان أفضل .
وهناك من الخطباء من يهمل في موضوعاته أحداث الساعة التي تمسّ واقع المسلمين ووجودهم ومستقبلهم، فلا يجد الجمهور المسلم في خطبته متنفساً لمشاعره العارمة وآلامه الغائرة، فيستمع إلى الخطبة دون أن يتفاعل معها، وكيف يتفاعل مسلم مع خطبة تتحدث عن آداب النكاح بينما المحتل اليهودي الغاصب يجتاح بدباباته أشلاء الرجال والنساء والأطفال ؟
2- عدم التناسق بين انفعال الخطيب وموضوع الخطبة:
إن الخطبة - كما قدّمنا - لها مقوماتها وخصائصها الفنية. وهي تختلف عن المحاضرة التي تلقى في قاعة هادئة على جمهور منتخب، وعن الدرس المفصّل الذي يلقيه الأستاذ على تلاميذه.. إن الخطبة هي فنّ نقل الكلمة إلى المستمع بحرارتها، وإيصالها إليه حيّةً مفعمةً بالعاطفة المناسبة، لكن بعضهم يظن للأسف أن الخطبة تعني افتعال الحماس، والصراخ أمام مكبر الصوت، وثقب طلبة أذن المستمع، وقد يكون الموضوع المطروح لا يحتاج إلى هذا الانفعال كلّه، مما يشعر المستمع بالافتعال في الانفعال فلا تستقبل نفسه المعنى المطروح الاستقبال المناسب، بل قد ترفضه في بعض الأحيان، وعلى العكس من ذلك يصادفك خطباء آخرون لا يعطون المعاني حقّها من الانفعال، فيلقونها ببرود شديد يعوق دخولها إلى إحساس المستمع، وقد تكون هذه المعاني حارة ساخنة تحتاج إلى عاطفة الطيب فيبخل عليها بعاطفته مما يؤدي إلى إهدارها، واستقرارها في الآذان بدلاً من القلوب .
3- الارتجال بلا كفاءة:
إن القدرة على الخطابة ارتجالاً دون الرجوع إلى ورقة مكتوبة ليس بالأمر الهيّن كما يتصور بعضهم .. إن الارتجال عمل يحتاج إلى موهبة خاصة ومران طويل، وخلفية ثقافية واسعة تسعف صاحبها في الوقت المناسب، وتمدّه دائماً بما يريد قوله وتوضيحه، ومع ذلك فإنه حتى الخطيب البارع قد يقع في أزمة أثناء خطبته عندما تخونه الذاكرة فتضنّ عليه بشاهد أو تعبير دقيق للمعنى الذي يريد أن يوصله إلى الجمهور، لكن بعض خطبائنا يظن أن الأمر أسهل من هذا، وأن حصيلته الثقافية المتواضعة تكفيه، وأن جرأته الأدبية وقدرته على مواجهة الجمهور تعوضه عن دقيق التعبير وعميق المعنى، فيعتلي المنبر ليقدم لنا خطبة عجيبة يتحدث فيها عم ألف فكرة متناقرة لا تمت لبعضها بصلة، وقد يُرتج على أثناء الخطبة فيقومون باستدعاء ما قالوه في الخطبة ذاتها أو الخطبة التي سبقتها ليكرروه لنا بلهجة مضطربة وربط مشوّه. ولهؤلاء الخطباء الأعزاء نقول: إنه لا يغض من مكانة الخطيب أن يمسك بورقة صغيرة يكون قد رتب فيها أفكاره، أو ورقة كبيرة صاغ عليها خطبته ليقدم لنا خطبة مترابطة مؤثرة بدلاً من إهدار منبر الجمعة في الارتجال العشوائي دون كفاءة أو ثقافة كافية، فالخطبة أمانة، ومسؤولية تحتاج من الخطيب إلى التحضير والتبويب والتنظيم .
والخطابة تحتاج أيضاً إلى ثقافة واسعةٍ في أمور الدين والمجتمع، وفهم دقيق لشرائح الناس الذين يترددون على المسجد وطبقاتهم الفكرية، وأحوالهم الاجتماعية، وظروفهم المعيشية، فلا حياة لإعلام لا يعيش مشاكل الجماهير وقضاياها، ولا أثر لخطبة لا تلمس أعماق الناس الوجدانية والفكرية والاجتماعية، فليحذر خطباؤنا من تحويل منابرنا إلى أبراج عاجية تحجبهم عن جمهورهم المسلم، وتبعدهم عن أوجاعه الحقيقية وواقعة المعاش.
ملاحظات ينبغي أن يتجنبها الخطباء
إن الذي يرصد خطب الجمعة التي تقوم في عالمنا الإسلامي تستوقفه أمور عدة نجد من واجبنا أن ننوّه من خلال هذه السطور؛ علّها تجد طريقها إلى من يهمه الأمر حتى تتمّ الاستفادة منها، انطلاقاً منّا في التركيز على ضرورة استثمار هذا المنبر الإعلامي الإسلامي الفاعل، في وقت أصبح فيه الإعلام أخطر وأمضى أسلحة التغيير.. فما هي هذه الأمور والملاحظات ؟
1- عدم التوازن في طرح المواضيع :
إن خطبة الجمعة منبر دعوي هام، ووسيلة ممتازة لتذكير الناس بأمور دينهم وعقيدتهم، ونافذة واسعة لعرض الإسلام بنصاعته كاملة، وتوعية المسلمين بالمرحلة التي يعيشونها، وبالأخطار والتحديات التي تحيط بهم، وحتى يستثمر الخطيب منبر الجمعة الاستثمار الأكمل عليه أن يطرح المواضيع ضمن منهج متوازن شامل يغطي المعاني والأفكار كلها التي يجب على المسلم أن يهتم بها، وعلى الخطيب البارع ألاّ ينسى استغلال المناسبات الراتبة والطارئة ويوظفها لصالح دعوته، ليقوم بتشكيل الرأي العام الإسلامي الموحد تجاه القضايا والأحداث، ووضعه في إطاره الإسلامي الصحيح .
لكن بعض الخطباء لا ينهج في خطبه هذا المنهج المتوازن الشامل، بل على العكس يقع أسيراً لبضعة مواضيع قد تكون هامة وقد لا تكون، ليطلع بها علينا كل أسبوع؛ مما يحدث الملل لدى الجمهور الذي يعاني من تكرار الخطب التي لا جديد فيها، ويؤدي إلى إهدار قيمة المنبر الخطير الذي يمكننا أن نقول من خلاله الكثير .
ومن الخطباء من يخوض في الخطبة الواحدة في عدة مواضيع لا يربط بينها رباط منطقي، ولو أنه وزع هذه المواضيع على عدة خطب وأشبعها بحثاً ودراسة لكان أفضل .
وهناك من الخطباء من يهمل في موضوعاته أحداث الساعة التي تمسّ واقع المسلمين ووجودهم ومستقبلهم، فلا يجد الجمهور المسلم في خطبته متنفساً لمشاعره العارمة وآلامه الغائرة، فيستمع إلى الخطبة دون أن يتفاعل معها، وكيف يتفاعل مسلم مع خطبة تتحدث عن آداب النكاح بينما المحتل اليهودي الغاصب يجتاح بدباباته أشلاء الرجال والنساء والأطفال ؟
2- عدم التناسق بين انفعال الخطيب وموضوع الخطبة:
إن الخطبة - كما قدّمنا - لها مقوماتها وخصائصها الفنية. وهي تختلف عن المحاضرة التي تلقى في قاعة هادئة على جمهور منتخب، وعن الدرس المفصّل الذي يلقيه الأستاذ على تلاميذه.. إن الخطبة هي فنّ نقل الكلمة إلى المستمع بحرارتها، وإيصالها إليه حيّةً مفعمةً بالعاطفة المناسبة، لكن بعضهم يظن للأسف أن الخطبة تعني افتعال الحماس، والصراخ أمام مكبر الصوت، وثقب طلبة أذن المستمع، وقد يكون الموضوع المطروح لا يحتاج إلى هذا الانفعال كلّه، مما يشعر المستمع بالافتعال في الانفعال فلا تستقبل نفسه المعنى المطروح الاستقبال المناسب، بل قد ترفضه في بعض الأحيان، وعلى العكس من ذلك يصادفك خطباء آخرون لا يعطون المعاني حقّها من الانفعال، فيلقونها ببرود شديد يعوق دخولها إلى إحساس المستمع، وقد تكون هذه المعاني حارة ساخنة تحتاج إلى عاطفة الطيب فيبخل عليها بعاطفته مما يؤدي إلى إهدارها، واستقرارها في الآذان بدلاً من القلوب .
3- الارتجال بلا كفاءة:
إن القدرة على الخطابة ارتجالاً دون الرجوع إلى ورقة مكتوبة ليس بالأمر الهيّن كما يتصور بعضهم .. إن الارتجال عمل يحتاج إلى موهبة خاصة ومران طويل، وخلفية ثقافية واسعة تسعف صاحبها في الوقت المناسب، وتمدّه دائماً بما يريد قوله وتوضيحه، ومع ذلك فإنه حتى الخطيب البارع قد يقع في أزمة أثناء خطبته عندما تخونه الذاكرة فتضنّ عليه بشاهد أو تعبير دقيق للمعنى الذي يريد أن يوصله إلى الجمهور، لكن بعض خطبائنا يظن أن الأمر أسهل من هذا، وأن حصيلته الثقافية المتواضعة تكفيه، وأن جرأته الأدبية وقدرته على مواجهة الجمهور تعوضه عن دقيق التعبير وعميق المعنى، فيعتلي المنبر ليقدم لنا خطبة عجيبة يتحدث فيها عم ألف فكرة متناقرة لا تمت لبعضها بصلة، وقد يُرتج على أثناء الخطبة فيقومون باستدعاء ما قالوه في الخطبة ذاتها أو الخطبة التي سبقتها ليكرروه لنا بلهجة مضطربة وربط مشوّه. ولهؤلاء الخطباء الأعزاء نقول: إنه لا يغض من مكانة الخطيب أن يمسك بورقة صغيرة يكون قد رتب فيها أفكاره، أو ورقة كبيرة صاغ عليها خطبته ليقدم لنا خطبة مترابطة مؤثرة بدلاً من إهدار منبر الجمعة في الارتجال العشوائي دون كفاءة أو ثقافة كافية، فالخطبة أمانة، ومسؤولية تحتاج من الخطيب إلى التحضير والتبويب والتنظيم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق